ـ(315)ـ
وهو أخوهم لأمهم: "يا عم هب لي، فيقول كثير: لا، لست من الشجرة"(1).
وله أخبار مع سكينة بنت الحسين ـ عليه السلام ـ منها: أنّه كان خارجا في الحاج، وقد أراد أن يبيع جمله، فساومته سكينه وهو لم يعرفها، وإنّما عرفته سكينة، فلم يرض إلاّ مائتي درهم، وحين عرفها استحيا وانصرف مهرولاً تاركاً لها الجمل وهو يقول: "هو لكم، هو لكم "(2) خجلاً وإجلالاً.
وإذا وقفنا عند الكميت لاستجلاء هذا الحب الرسالي في شعره، فأننا سنجد العجب العجاب. هذا الشاعر الذي عاش النصف الثاني من القرن الأول، والعقود الثلاثة الأولى من القرن الثاني (60 ـ 126 هـ) كان "خطيب بني أسد، وفقيه الشيعة، وحافظ القرآن، وثبت الجنان"(3).
وسئل معاذ الهراء: "من أشعر الناس ؟ فقال: من الجاهليين: امرؤ القيس، وزهير، وعبيد بن الأبرص. ومن الإسلاميين: الفرزدق، وجرير، والأخطل. فقيل لـه : يا أبا محمّد، ما رأيناك ذكرت الكميت ! فقال: ذاك اشعر الأولين والآخرين"(4).
ومدحه للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ معروف، وقف عنده النقاد كثيراً، ويحسن أن نتعرض لـه ولو قليلاً لأنه يكشف عن جانب هام من ولائه الرسالي وظروف عصره.
يقول الكميت:
فاعتتب الشوق في فؤادي والشعر ـــــ إلى من إليه معتتب
إلى السراج المنير أحمد لا ــــــ يعدلني رغبة ولا رهب
وقيل أفرطت، بل قصدت، ولو ــــ عنفني القائلون، أو ثلبوا
إليك يا خير من تضمنت الأرض ــــ وإن عاب قولي العيب
لج بتفضيلك اللسان، ولوـــــ أكثر فيك الضجاج واللجب(5)
__________________________________
1 ـ الأغاني 8: 34.
2 ـ المصدر السابق 8: 40.
3 ـ خزانة الأدب، للبغدادي 1: 144.
4 ـ الأغاني 15: 127، خزانة الأدب 1: 145.
5 ـ الأبيات من 31 ـ 36 من قصيد مطلعها:
انّي ومن أين ابك الطرب من حيث لا صبوة و لا ريب.
شرح هاشميّات الكميت، أبو رياس القيسي، تحقيق داود سلوم ونوري حمودي القيسي: 110 ـ 111.