ـ(214)ـ
لعن الله من يسب عليا ــــ وبنيه من سوقه وإمام
أيسب المطهرون جـدوداَ ــــ والكرام الأخوال والأعمام؟
يأمن الطير والحمام ولا ــــ يأمن آل الرسول عند المقام
طبت بيتا، وطاب أهلك أهلا ــــ أهل بيت النبي والإسلام
رحمة الله والسلام عليهم ــــ كلما قام قائم بسلام (1)
هذا الولاء الذي يحمله الشاعر لآل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لم يكن يعبر عن نظرة فئوية حزبية، بل عن نظرة إسلامية شعبية عامة، اتسعت لتستوعب حتّى الخليفة المرواني ـ عمر بن عبد العزيز ـ الذي استنكر هذا السّب ومنعه في نفس زمن حياة الشاعر كثير عزة. فطار الشاعر فرحا، وانشد قصيدته يثني على الخليفة موقفه هذا، وعدله بين الرعية، ورفعه الظلم عن الناس:
وليت فلم تشتم عليا ولم تخف ــــــ بريا ولم تقبل إشارة مجرم
وصدقت بالفعل المقال مع الذي ــــــ آتيت فأمسى راضياً كلّ مسلم
وأظهرت نور الحق فاشتد نوره ــــــ على كلّ لبس بارق الحق مظلم(2)
ويكفي لمعرفة صدق ولاء الشاعر لآل بيت رسول الله، أنّه قال ما قال في مدحهم في أقسى ظروف الضغط الأموري على آل البيت. وفي أخباره ما يدل على شدة ولائه لأهل بيت رسول الله بما في ذلك أبناؤهم وذريتهم فكان يأتي إلى أبناء الحسن بن الحسن فينظر إليهم بعاطفة شديدة، تذكره بجدهم رسول الله وبنسبهم الطاهر، فتفيض عيناه دمعاً، ويقول: "بأبي انتم، هؤلاء الأنبياء الصغار"، ويريد بذلك: طهرهم وسمو منزلتهم.
وكان يهب لهؤلاء الصغار عطاءه، فيقول لـه محمّد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان،
__________________________________
1 ـ كثير عزة، أحمد الربيعي: 123.
2 ـ الشعر والشعراء لابن قتيبة 1: 413، الأغاني 8: 153.