ـ(213)ـ
واستعمله عمر وعثمان على البصرة(1).
ثم أصبح قاضياً على البصرة في زمن الإمام علي ـ عليه السلام ـ ، بعد أن ولى الإمام علي عبدالله بن عباس البصرة سنة(40 هجرية).
ثم أصبح والياً على البصرة حتّى مقتل الإمام علي ـ عليه السلام ـ (2).
وحاول معاوية إرشاءه بالهدايا، لكنه أبي أن يأخذها رغم ما كان يعانيه من ضنك في العيش، بسبب قلة عطائه. وحين سألته ابنته عن تلك الهدايا قال: "بعث بها معاوية يخدعنا عن ديننا"فقالت ابنته التي تحمل نفس عواطف أبيها وإبائه:
أبـا لشهد المزعفـر يـا ابـن حـرب ــــــ نبيـع عـليك أحـسابــاً وديــنــا؟
معذ الـلـه كــيــف يـكــون هـذا ــــ ومولانا أميـر المـؤمـنـيـنــا ؟(3)
هذا شاعر من النصف الأول من القرن الهجري الأول (ت 69 هـ).
ولنقف عند شاعر آخر من النصف الثاني لهذا القرن، وهو كثير بن عبد الرحمن الخزاعي المعروف بكثير عزة (ت 105 هـ)، حيث يقول:
إنّ أمرأ كانت مساوِؤه ــــ حب النبي لغير ذى ذنب
وبني أبي حسن ووالدهم ــــ من طاب في الأرحام والصلب
أترون ذنباً أن نحبهم ؟ ــــ بل حبهم كفارة الذنب (4)
واضح، أن الشاعر يشير في هذه الأبيات إلى ما كان يتحمله من ضغوط أموية بسبب رساليته، أو بسبب حبه الرسالي للنبي، وعلي وآل علي، فليس هذا بذنب كما يرى بنو أمية، بل هو كفارة الذنب، وطريق الهدى والنجاة، وكيف لا يتحمل هذه الضغوط وهو يعيش في عصر يسب فيه علي على المنابر؟.
ويعبر الشاعر في أبيات أخرى عن أساه وألمه لهذا السب، بلغة تنطلق من عاطفة إسلامية رسالية، هي لغة كلّ المسلمين في عصره، اللهم إلاّ الشرذمة الضالعة في ركاب الحكام الظالمين:
__________________________________
1 ـ الأغاني 11: 107.
2 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد7: 99.
3 ـ ديوان أبي الأسود: 78.
4 ـ كثير عزة، احمد الربيعي: 123.