ـ(212)ـ
الله وأعداء الرسالة الإسلاميّة.
وإذا ترسخت هذه العقيدة في النفوس، ترتفع على كلّ وليجة وآصرة من قرابة، أو قوم، أو جنس، فيضحي الإنسان من أجل هذا الحب الرسالي ويتفاني من أجله.
ونحن نرى هذا الحب الرسالي بوضوح في الشعر الشيعي. يقول أبو الأسود الدولي:
أحب محمداً حباً شديداً ــــــــــ وعباسا وحمزة والوصيا
وجعفر إنّ جعفر خير سبط ــــــــــ شهيد في الجنان مهاجريا
أحـبـهـم كـحـب الله حتـّى ــــــــــ أجيء إذا بعثت على هويا (1)
هوى أعطيـته منـذ اسـتـدارت ــــــــــ رحى الإسلام لم يعدل سويا
لاحظ: إنّ هذا الهوى ينطلق من الإسلام، فالشاعر ألهمه منذ استدارت رحى الإسلام، وهو حب شديد لله أوّلاً، ثم لرسوله، والرهط الكريم من آل بيته: العباس والحمزة والوصي وجعفر...
ولنقف برهة عند الشاعر، لنتبين شخصيته، ومدى صدقه في التعبير عن عواطفه.
هو: ظالم بن عمرو القرشي البصري من التابعين، والفقهاء، والشعراء، والمحدثين، والأشراف، والفرسان...
قال عنه الجاحظ: إنه "من المتقدمين في العلم" (2).
عرف بتشدده في الالتزام بأحكام الدين، حتّى اختلف مع عبدالله بن عباس، ومع زياد ابن أبيه حين اعتقد أنهما استغلا منصبهما لمصالحهما الشخصية(3).
كان "ثقة في حديثة"(4).
وشهد مع الإمام علي ـ عليه السلام ـ وقعتي: الجمل وصفين (5).
__________________________________
1 ـ الأغاني 7: 11، 11: 120، الأمالي للمرتضى 1: 293، وديوان أبي الأسود الدولي: 119 ـ 121. و"هويا" فانه لغة هذيل يقولونها في كلّ مقصور (الأمالي 1: 293).
2 ـ البيان والتبيين 1: 134، 339.
3 ـ انظر: الطبري 4: 108، والعقد الفريد 5: 96، والكامل لابن الأثير 3: 386، الأغاني 11: 115.
4 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 7: 99.
5 ـ أسد الغابة 3: 70، ابن خلكان 2: 535.