ـ(211)ـ
هو ناشيء من نظرة "أموية" سادت في كتب القدماء والمحدثين عن الشيعة ونشأتهم وعقائدهم فأسطورة ابن سبأ نقلها الطبري في تاريخه (1)، وتناقلها عنه المؤرخون القدامى (2).
ووجد المستشرقون في هذه الأسطورة ما ينسجم مع رغبتهم في تركيز الخلافات التاريخية بين المسلمين، وتسليط الأضواء على ما ورد بشأن تشرذمهم وتمزقهم، مثل: (فلها وزن) و(دوزى) و(فان فلوتن) ثم راح تلامذة المستشرقين في العالم الإسلامي يحوكون على نفس المنوال (3) مع الأسف، تاركين في الأمة حساسيات وحزازات تثقل كاهل كلّ العاملين في حقل توحيد صفوف المسلمين.
لا أريد هنا أن أتعرض لنشأة الشيعة والتشيع، إنّما أردت الإشارة فقط إلى خلفية النظرات السلبية التي أحيط بها الشعر الشيعي، والتي جعلته في نظر الباحثين المحدثين شعراً حزبياً، وجعلت فواعله في نظرهم نفس فواعل الشعر الأموي ومصادره: تراث جاهلي، وإلهام إلهي، وتأثير أجنبي، وعصبية قبلية، وأهواء سياسية(4).
ولدراسة طبيعة الشعر الشيعي لابد أن نلقي نظرة على موضوعاته، لنتبين من خلالها طبيعته الرسالية:
الحب الرسالي
الإيمان بالمبدأ يقترن دائماً بعواطف حب وبغض، وهذه العواطف توجهها العقيدة وتقوى بقوتها.
ومن العقيدة الإسلاميّة تنشأ عواطف حب الله ورسوله والمؤمنين، وبغض أعداء
__________________________________
1 ـ الطبري 5: 98.
2 ـ مثل ابن الأثير 3: 94.
3 ـ انظر آراء المستشرقين في ابن سبأ في كتاب نظرية الإمامة لأحمد محمود: 37، وانظر أيضاً: طه حسين الفتنة الكبرى، فصل ابن سبأ.
4 ـ أدب الشيعة إلى نهاية القرن الثاني الهجري؛ الدكتور عبد الحسيب طه حميدة: 122 ط 3، وانظر أيضاً: حزب الشيعة في العصر الأموي، الدكتورة ثريا عبد الفتاح.