ـ(207)ـ
بل يرجع إلى تقديم قياس على قياس، أو استثناء مسألة جزئية من القواعد الكلية (1).
هـ إنّ النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ما كان يفتي باستحسانه، وهو الذي كان ما ينطق عن الهوى، فقد سئل ـ صلى الله عليه وآله ـ عن الرجل يقول لامرأته: أنت علي كظهر أمي، فلم يفت ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ باستحسانه، بل انتظر حتّى نزل الوحي عليه بآية التطهير وكفارته.
وـ إن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ استنكر على الصحابة الّذين غابوا عنه، وأفتوا باستحسانهم كما في قصة أسامة وقتله للرجل الذي قال: "لا إله إلاّ الله " تحت حر السيف وكذلك الصحابة الّذين أحرقوا مشركاً لاذ بشجرة.
زـ إنّ الاستحسان لا ضابط لـه ، ولا مقاييس لـه يقاس بها الحق من الباطل كالقياس. لو جاز ذلك لكان فرطاً.
وقد ذهب المحدث الاسترابادي ـ وهو من الشيعة الإمامية ـ إلى إبطال الاستحسان ورفضه وعدم العمل به، مستدلا على ذلك باثني عشر وجهاً منها (2).
1 ـ عدم ظهور دلالة بالاعتماد عليه.
2 ـ إنّ التمسك بالذي مدركه غير منضبط كثيراً ما تقع فيه التعارضات والاضطرابات.
3 ـ العمل به يوجب الفرقة بين الأمة.
4 ـ منافاة الشريعة مع القول بذلك.
5 ـ إنه يفضي إلى الفتن والحروب.

الحكم عند تعارض القياس والاستحسان:

إنّ للمذهب الحنفي مسألة خاض فيها علماء التخريج من ذلك المذهب، وهي الظروف والأحوال التي يتعارض فيها القياس مع الاستحسان؛ لأن الترجيح بينهما يكون بقوة الأثر، لا بالخفاء والظهور، فإذا قوي أثر القياس رجح على الاستحسان، والعكس صحيح.
__________________________________
1 ـ نهاية السؤول مع البدخشي 3: 137، اللمع للشيرازي: 68، وشرح تنقيح الفصول: 451.
2 ـ الفوائد المدنية للاسترابادي: 90 ـ 149.