ـ(202)ـ
1 ـ إنّ هذا لو أتى من وجه صحيح لما كان لهم فيه متعلق؛ لأنه إنّما يكون إثبات إجماع المسلمين فقط؛ لأنه لم يقل: ما رآه بعض المسلمين حسناً فهو حسن، وإنّما فيه: ما رآه المسلمون، فهذا هو الإجماع الذي لا يجوز خلافه لو تيقن، وليس ما رآه بعض المسلمين أولى بالاتباع مما عند غيرهم من المسلمين، ولو كان ذلك لكنا مأمورين بالشيء وضده، ونفعل شيئاً ونتركه معاً، وهذا محال.
2 ـ هذه الرواية موقوفة على ابن مسعود، وربما كانت كلاماً لـه (1) وليست حديثاً للرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ، بالإضافة إلى ذلك أنها من أخبار الآحاد التي لا تثبت بها الأصول كما يقول الغزالي.
3 ـ لو صحت تلك الرواية فهي تأكيد لقاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع (2) ولا يمكن الأخذ بمضمونها حسب الظاهر.
4 ـ قد يراد بها: العرف الشائع بين المسلمين، وهو الظاهر، وهذا يعني: الرجوع إلى عرف المتشرعة.
ب ـ قيل: إنه ثبت عدول الشارع في بعض الوقائع عن موجب القياس أو عن تعميم الحكم جلباً للمصلحة ودرءاً للمفسدة. فقد نهى ـ صلى الله عليه وآله ـ عن بيع المعدوم بقوله: "لا تبع ما ليس عندك"، ثم عدل فرخص في بيع السلم مراعاة لمصلحة الناس، ويرشد إلى ذلك قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ: "من أسلف فليسلف في كيل معلوم وزن معلوم إلى أجل معلوم"، وهذا يعني: تجويز الاستحسان.
وجوابه: أن ثبوته كان بالأدلة المتفق عليها بأنها حجة؛ لأنه:
إما أن يثبت بالأثر: كالسلم والإجارة، وعدم فساد صوم من أكل ناسياً.
وإما بالإجماع: كالاستصناع عند من يقول به.
وإما بالضرورة: كطهارة الحياض والآبار بعد تنجسها.
__________________________________
1 ـ إبطال القياس والرأي: 50.
2 ـ الأصول العامة للفقه المقارن للسيد محمّد تقي الحكيم: 375.