ـ(199)ـ
عموم العلة، مما كاد أن يوفق بين المدرستين(1) كما سيتضح فيما بعد.
أما الفريق الثالث: فقد فصل نظراً لتحديد مفهوم الاستحسان: فإن عرف بأنه (الأخذ باقوى الدليلين ) فهو حجة، ولا مانع من الأخذ به، إلاّ أن عده أصلاً في مقابل الكتاب والسنة ودليل العقل لا وجه لرجوعه إليها؛ لأن الأخذ بالأقوى منها أخذ بأحدها لا محالة. وإن عرف بـ (ما يقع في الوهم من استقباح الشيء أو استحسانه من غير حجة ثابتة) فالأخذ به محظور؛ لعدم الدليل على حجيته، والشك في الحجية كاف للقطع بعدمها(2).
ولنطرح هذه المحاكمات جانباً، ونقف أمام الاستحسان بما أراد كلّ فريق، وهل هو أصل من أصول التشريع الإسلامي أم لا ؟
المطلب الثالث

أدلة المثبتين

استدل المثبتون للاستحسان بأدلة: بعضها من الكتاب، وبعضها الآخر من السنة، والثالث من الإجماع، والرابع من العقل، ونعرض لهذه الأدلة، ثم نناقشها دليلاً دليلاً وكما يلي:

أوّلاً: أدلتهم من الكتاب:

استدلوا بآيتين من كتاب الله وزعموا دلالتهما على ذلك.
أ ـ قال تعالى: [الّذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه](3).
ب ـ وقال تعالى: [واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم](4).
__________________________________
1 ـ مجلة التوحيد، السنة الأولى، العدد السادس، ضمن مقال للشيخ التسخيري: 72.
2 ـ الأصول العامة: 377، إرشاد الفحول: 241.
3 ـ الزمر: 18.
4 ـ الزمر: 55.