ـ(167)ـ
الحسن إلى صفة كمال أو إلى انسجام النفس، ورجوع القبح إلى صفة نقص، أو تنافر مع النفس، يتفق جميع المذاهب على إمكانه ووقوعه، إنّما نشب النزاع بين هذه المذاهب في خصوص حكم العقل بمعنى الحكم على الفعل بأنه ينبغي صدوره، ويثاب فاعله، وعلى الفعل بأنه لا ينبغي صدوره، ويعاقب فاعله، حيث أنكر الأشاعرة إمكان ذلك على خلاف العدلية (الإمامية) والمعتزلة حيث يرون إمكان ذلك، لقد قسم الإمامية مناشيء حكم العقل بالحسن، والقبح إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهي:
1 ـ ما كان علة تامة في التأثير أي أن انطباق ذلك العنوان على الفعل علة لا دراك العقل لحسن أو قبح الفعل، فيتصف هذا الفعل بالحسن، أو القبح الذاتيين مثل العدل، والظلم، فأن العدل بما هو عدل لا يكون إلاّ حسناً دائماً، أي أنّه متى ما صدق عنوان العدل على الفعل، فإنه لابد أن يمدح عليه فاعله عند العقلاء، ويعد عندهم محسناً، وكذلك الظلم بما هو ظلم لا يكون إلاّ قبيحاً أي أنّه متى ما صدق عنوان الظلم على الفعل فإن فاعله مذموم عندهم، ويعدّ مسيئاً.
2 ـ انطباق عنوان على الفعل يكون فيه اقتضاء التأثير أي لو ارتفعت الموانع لكان العنوان مؤثراً في حكم العقل بحسنه، أو قبحه، ومثاله الصدق والكذب، فالصدق بما هو صدق فيه قابلية على التأثير في حكم العقل بأنه مما ينبغي أن يفعل، ويمدح فاعله عليه بخلاف الكذب، فإنه مذموم عند العقل، ولكن هذا التأثير لا يتم عادة مع وجود مزاحم لـه يمنع عن تأثيره كان يكون في الصدق ما يوجب قتل نفس محترمة، أو انتهاك عرض، أو تسلط ظالم، أو يكون في الكذب نجاة مؤمن من القتل أو حفظ عرض، أو مال فإن هذه الموانع تصرف العقل عن حكمه بحسن الصدق المذكور، وعن حكمه بقبح الكذب الذي يؤدي إلى نجاة مؤمن، أو عرض أو مال.
3 ـ انطباق عنوان ليس فيه اقتضاء ولا عليه لحكم العقل بالحسن أو القبح على الفعل، أي أن انطباق ذلك العنوان على الفعل لا يؤثر سلباً، أو إيجاباً على حكم العقل بالحسن، أو القبح، فلو انطبق عليه عنوان آخر لـه تأثير بنحو العلية على