ـ(168)ـ
حكم العقل بالحسن، أو انطبق عليه عنوان آخر لـه تأثير بنحو الاقتضاء فإن الفعل يكون حسناً، أو قبيحاً تبعاً لهذا العنوان الطارئ على الفعل(1).

حقيقة حكم العقل بالتحسين والتقبيح:

والسؤال المطروح الآن هو ما هي حقيقة تلك الادراكات العقلية، وهويتها في قائمة الصناعات الخمس فهل هي قضايا ضرورية أي يحكم بها العقل ـ أي عقل وفي كلّ زمان ومكان ـ بمجرد تصورها، أو أنها قضايا تأديبية مشهورية ليس لها واقع غير توافق إفراد المجتمع بما هم عقلاء عليها؟
يوجد هنا موقفان:
الموقف الأول: يرى أن الحسن والقبح العقليين قضايا مشهورة أي لا واقع لها غير تطابق العقلاء عليها.
وفي داخل هذا الموقف نشأ تفسيران:
التفسير الأول: "يرى أن الحسن والقبح قضايا إنشائية من قبل العقلاء لا إخبارية، فهي على حد ساير المجعولات العقلائية غاية الأمر قد تطابق العقلاء عليها باعتبار إدراكهم للمصالح والمفاسد من ورائها"(2) والمقصود من الإنشائية أنها لا تحكي عن واقع خارجي قد تنطبق عليه، وقد لا تنطبق عليه.
التفسير الثاني: أن الحسن والقبح قضايا مشهورة بمعنى إنها تصديقات جازمة، ولكن غير مضمونة الحقانية أي ليس التصديق فيها ناشئاً من أحد المناشيء في القضايا المضمونة الصدق التي حصروها في القضايا الست المعروفة في المنطق وهي:
__________________________________
1 ـ الأصول العامة للفقه المقارن ص 286.
2 ـ بحوث في علم الأصول: ج 4 ص 45 تقرير بحوث السيد محمّد باقر الصدر بقلم تلميذه السيد محمود الهاشمي.