ـ(162)ـ
الوجوب، ولا يفرق بين المشقى والمسعد كما لا يستقل بدرك خواص العقاقير، والأدوية"(1).
فـ "الله وراء الحسن، والقبح، والخير، والشر، فليس الخير، والشر قيماً عقلية مطلقة كما يرى المعتزلة يضطر حتّى الله أن يتقيد بها، وإنّما إرادة الله المتمثلة بالشرع هي التي تعطيها الإطلاق، وتوجب على الإنسان التقيد بها"(2) ويقول "أن لله عز وجل أيلام الخلق، وتعذبيهم من غير جرم سابق، ومن غير ثواب لاحق خلافا للمعتزلة".
"وانه تعالى يفعل بعباده، ما يشاء، فلا يجب عليه رعاية الاصلح لعباده"(3).
ومن الواضح أن الإمامية، والمعتزلة يحكمون بخلاف ذلك في الموارد التي ذكرها لأنهم يعقتدون بأن العقل يحكم بقبيح تلك الأفعال، وسبحان الله عن ارتكاب الفعل القبيح.
وقد استدل الأشاعرة على مذهبهم بعدة أدلة نذكر أهمها:
ألف ـ لو كان الحسن والقبيح عقليين لاختلف الحكم على الأفعال من ناحية تحسينها وتقبيحها، إذ العقول متفاوتة في حكمها على الأفعال، فقد يعقل البعض حسناً، فيما يقبحه الآخر، والعكس بالعكس بل أن العقل الواحد قد يحكم على الفعل تارة بالقبح، وتارة بالحسن تحت تأثير الهوى، والغرض ومؤثرات أخرى." (4).

ويرد على هذا الاستدلال:
أن الاختلاف في الحكم على الأفعال نشأ بفعل الهوى والأغراض والمصالح التي تدفع بعض العقلاء إلى إنكار حكم عقله، والحكم بقبح الحسن أو
__________________________________
1 ـ الاقتصاد في الاعتقاد: ص 197 نقلا عن منهج البحث عن المعرفة عند الغزالي ص 196.
2 ـ منهج البحث عن المعرفة عند الغزالي ص 195.
3 ـ أحياء علوم الدين: ج 1 ص 133.
4 ـ الأصول العامة للفقه المقارن ص 285 نقلا عن كتاب مباحث الحكم عند الأصوليين ج 1 ص 169 محمّد سلام مدكور.