ـ(155)ـ
ومنهم من كان يسمع الحديث، ويكتبه بألفاظه المسموعة بلا مهلة استيثاقاً لصحة الحديث، وهم الأقلون.
ومنهم من كان يخلو مع الإمام، فيسأله عن مسائله خوفاً من أن يفتيه بالتقية من بعض الحاضرين (1).
وقد أقبل الأصحاب على الاهتمام بهذه الأصول، ومؤلفيها، ووضعوا لها فهرساً خاصاً، وأفردوا لمؤلفيها تراجم مستقلة عن سائر الرواة، والمصنفين كما صنعه الشيخ أبو الحسين أحمد بن الحسين الغضائري المعاصر للشيخ الطوسي، واستمرت هذه العناية بالأصول، وأصحابها حتّى جمعت أعيان تلك الأصول بموادها مرتبة، مبوبة، في المجامع القديمة، فاستغنوا عن أعيانها(2).
إنّ الأصول بما أنها جاءت شفاهاً عن المعصوم، أو عمن سمع من المعصوم ـ عليهم السلام ـ، فان احتمال الخطأ، والغلط، والسهو، والنسيان يضعف أكثر مما لو كان في كتاب منقول، عن كتاب آخر.
وهذا ساعد في تقوية، وتعضيد ما يؤخذ منه، لذا اعتبره المحققون: أحد أركان تصحيح الرواية، كالمحقق الداماد، والمحقق البهائي، وذكر الشيخ: أن الأصول الأربعمائة مما أجمع الأصحاب على صحتها، وعلى العمل بها.
ويضاف إلى ذلك: أن وجود الحديث في الأصل المعتمد عليه بمجرده يكون من موجبات الحكم بالصحة عند القدماء، وهذه ميزة اختصت بها الأصول (3).
وفي عدة الأصول، ذكر الشيخ الطوسي: أن رواية السامع مقدمة على رواية المستجيز، إلاّ أن يروي المستجيز أصلاً معروفاً، أو مصنفاً مشهوراً(4).
وتعارف الأصحاب على أن من يذكر لـه أصل، فإنه يدل على مدح، وتوثيق لـه .
__________________________________
1 ـ معرفة الحديث، محمّد باقر البهبودي ص: 23.
2 ـ الذريعة 2: 128.
3 ـ الذريعة 2: 126 ـ 127، وكليات في علم الرجال ص: 485.
4 ـ عدة الأصول 1 ـ 385.