ـ(154)ـ
المبحث الرابع
قيمة هذه الأصول، والعناية بها
تتبين هذه القيمة من خلال اهتمام مصنفيها، وقربها من مصدر النصوص، وظهرت هذه القيمة على مقاييس علماء، ومحققي الحديث، وسنذكر هذه المطالب بشيء من الاختصار في هذا المبحث.
روى السيد رضي الدين علي بن طاووس بإسناده، عن أبي الوضاح: محمّد بن عبدالله بن زيد النهشلي، عن أبيه قال: كان جماعة من أصحاب أبي الحسن الكاظم ـ عليه السلام ـ ، من أهل بيعته، وشيعته يحضرون مجلسه، ومعهم في أكمامهم ألواح آبنوس، لطاف، وأميال، فإذا نطق أبو الحسن بكلمة، أو أفتى في نازلة، أثبت القوم ما سمعوه منه في ذلك (1).
وكان من دأب أصحاب الأصول: أنهم إذا سمعوا عن أحد من الأئمة ـ عليهم السلام ـ حديثا بادروا إلى إثباته في أصولهم، لئلا يعرض لهم نسيان لبعضه، أو كله بتمادي الأيام، هذا ما قاله الشيخ البهائي في مشرق الشمسين(2).
وكان الآخذون عن الإمام المعصوم على أصناف: منهم من لا يحسن الكتابة، لكنه يأخذ الحديث بسمعه، ويعيه بقلبه دراية، وفقهاً، ثم يلقيه على تلاميذه، وأصحابه، ليكتبوه في أصولهم كأبي بصير بن القاسم الأسدي، وأبي بصير ليث بن البختري المرادي، ممن كان أعمى، ضرير البصر.
ومنهم من كان يحسن الكتابة، ومع ذلك يأخذ الحديث سمعاً، ويعيه قلباً حتّى إذا وجد فرصة قيده بالكتابة، وإن كان بألفاظ أخر، وهم الأكثرون.
__________________________________
1 ـ مهج الدعوات ص: 224.
2ـ الذريعة 2ـ 128 وقد ورد عن المحقق الداماد المعنى نفسه أيضاً.