ـ(14)ـ
ولقد أنهى بعضهم معاني الكوثر إلى ستة وعشرين معنى (1) بيد أن الراجح أن تكون كثرة الذرية وامتدادها عبر التاريخ البشري التي اختص الله تعالى بها النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ من ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام هو المدلول الحقيقي للكوثر، وذلك بدلالة سبب النزول المعروف، وبدلالة أن الأبتر في لغة العرب تطلق أساساً على من لا عقب لـه من الناس كما يتضح من قواميس اللغة العربية وكما أورد الراغب الاصبهاني في المفردات قال: البتر يستعمل في قطع الذنب ثم أجري قطع العقب مجراه، فقيل فلان أبتر إذا لم يكن لـه عقب يخلفه.. وقوله: "إنّ شانئك هو الأبتر" أي مقطوع الذكر، وذلك أنهم زعموا أن محمداً ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ينقطع ذكره إذا انقطع عمره لفقدان نسله.."(2).
أما المعاني الأخرى التي ذكرت دون ذلك فهي من المصاديق أو من باب الجري والانطباق وهي من الخير الكثير الذي أعطي لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ...
هذا، ومن الجدير ذكره، أن بعض المداليل التي ذكرت كمصاديق للكوثر دون غيرها قد وردت فيها أحاديث صحيحة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ، وأما الكثرة الكاثرة من المداليل، فهي تصورات تصورها بعض المفسرين على أنها الخير الكثير الذي أعطي النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ دون سواه.
[فصّل لربك وانحر]: وحول هذه الآية الكريمة اختلف المفسرون والعلماء حول مدلولها:
فمن قائل: إنّ الله عز وجل أمره بالشكر على تلك النعمة العظيمة التي وهبت لـه ، وتصوروا أن الصلاة هي صلاة عيد الأضحى بدلالة [وانحر] فالنحر عند هذا الفريق هو نحر الهدي والأضحية، وهذا الرأي رآه عكرمة، وعطاء وقتادة.
وقال بعضهم: كان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ينحر قبل الصلاة فأمره الله بالنحر بعد الصلاة، وهو يروى عن أنس بن مالك.
__________________________________
1 ـ الميزان في تفسير القرآن ج 20 تفسير سورة الكوثر.
2 ـ المفردات في غريب القرآن ـ ص 36 كتاب الباء.