ـ(15)ـ
وقال آخرون: إنّ المراد صل الغداة في جمع (المزدلفة)، وانحر هديك في منى، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد.
وقال الإمام الصادق جعفر بن محمّد ـ عليه السلام ـ : النحر في هذه الآية هو رفع اليدين حذاء نحرك، وورد عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ قال:لما نزلت هذه السورة قال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لجبريل ـ عليه السلام ـ : ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي.. قال: ليست بنحيرة، ولكنه يأمرك إذا تحرمت إلى الصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فانه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع فان لكل شيء زينة وإن زينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة وقال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : رفع الأيدي من الاستكانة قلت: وما الاستكانة، قال: ألا تقرأ هذه الآية: فما استكانوا لربهم وما يتضرعون. أورده الثعلبي والواحدي في تفسيريهما..(1).
ومن استقراء للآراء التي وردت حول مدلول الآية المذكورة، وربطها بتاريخ نزول الأحكام والفرائض الإلهية، ينقدح في الذهن، أن الحج في مرحلة نزول سورة الكوثر لم يكن مشرعاً بعد، كذلك الحال بالنسبة للأضحية، وربما صلاة العيد كذلك..
فالأوجه أن يكون الموضوع كله يدور حول الصلاة وما يتعلق بها من مظاهر الاستكانة والخشوع والطاعة، لذا، فأن تفسير النحر برفع اليدين حذاء النحر، هو الأنسب للمقام، إذا أخذنا بنظر الاعتبار تاريخ نزول السورة المباركة، فضلاً عما ورد من أحاديث شريفة بهذا الشأن...
[إنّ شانئك هو الأبتر]: الشانئ في اللغة هو العدو البغيض، لذا، فأن الله عز وجل قضى أن يكون شانئ النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وهو العاص وإضرابه هو المنقطع عن النسل ومن كلّ خير، وقيل: معناه، أن العاص لا ولد لـه على الحقيقة، وإن من ينسب
__________________________________
1 ـ مجمع البيان تفسير سورة الكوثر.