ـ(12)ـ
مداليل السورة:
هذه السورة المباركة على قلة آياتها، و وجازتها تعكس صورة عن مسيرة الدعوة الإلهية الخاتمة من حيث المعاناة والمتاعب، وآفاق المستقبل وهي تشرح نماذج من الكيد والتآمر والأذى الذي صبته قريش على الرسول الأعظم محمّد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، كما هي تعكس صور الرعاية الربانية لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، ودعوته وفيض الإمداد الإلهي المستمر عليه وعلى دعوته، كما تشير السورة المباركة إلى ما حباه الله تعالى به من نعم شتى تشكل أبلغ مظاهر الفيض والإمداد والنمو والعطاء، على خلاف ما يناله أعداؤه عبر التاريخ من وهن وبتر وانحسار.
والسورة المذكورة تمثل شأنا من شؤون الرسول الداعية خاصة كسورة الأضحى، وسورة الانشراح وأمثالهما وتكشف حجم العطاء الكثير الكثير الذي وهبه الله عز وجل لـه رغم ما يصفه به الشانئون الغافلون عن شمس الحقيقة الّذين أظلمت نفوسهم بسبب الكفر والضلال، الأمر الذي يتطلب أن يقابله النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بالشكر والصلاة والبذل من أجل الله عز وجل.
وإذا دخلنا في تفصيل مداليل الكلمات التي كونت الكيان الواقعي للسورة، لوجدنا المفسرين يتبنون معاني مختلفة، كلّ معنى ربما يتناول جانباً مما أعطي النبي الخاتم صلى الله عليه واله وسلم. فبخصوص مدلول "الكوثر" ورد ما يلي:
والكوثر صيغة من الكثرة، وهو مطلق غير محدود، يشير إلى عكس المعنى الذي أطلقه هؤلاء السفهاء إنا أعطيناك ما هو كثير فائض غزير، غير ممنوع، ولا مبتور، فإذا أراد أحد أن يتتبع هذا الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه، فهو واجده حيثما نظر أو تصور..".
"إنه الكوثر الذي لانهاية لفيضه، ولا إحصاء لعوارفه، ولاحد لمدلوله ومن ثم تركه النص بلا تحديد ليشمل كلّ ما يكثر من الخير ويزيد".