ـ(91)ـ
المنطقية للاستقراء)، أم في المجال الاجتماعي والاقتصادي كما في كتابه (اقتصادنا) و(البنك اللاربوي في الإسلام)، أم في مجال التفسير والفقه، ولديه عشرات البحوث (1).
إنّ إقدام الإمام الشهيد على مثل هذه المعالجات والدراسات يحقق هدفاً مزدوجاً، إذ هو في نفس الوقت الذي يقدم إلى مثقفي الأمة زاداً فكرياً نضيجاً لمواجهة التحديات الحضارية والفكرية الغربية، فإن ذلك يتضمن بالضرورة تحقيق أرضية مشتركة، وقناعات مشتركة يتحرك عليها المسلمون الواعون، وينطلقون منها جميعاً في عملية المواجهة، وفي بلورة المواقف الموحدة أو الحلول العملية لإشكاليات الحياة المعاصرة.
إنّ كلّ ذلك لا يحقق وحدة الكفر والموقف فحسب، وهو أمر بحد ذاته يصب في هدف التقريب والوحدة، بل يؤدي بالضرورة إلى تقليص أسباب الخلاف والاختلاف.
في أكثر المسائل والقضايا حيوية وخطورة، والتي تهم الأمة الإسلاميّة وتتعلق بمستقبلها السياسي والاجتماعي في ظل الحاكمية الإسلاميّة بالأخص إذا لاحظنا أن الإمام الشهيد قدس سره قد أفاد في بلورة النظرية الاقتصادية والمذهب الاقتصادي في الإسلام، من الاجتهادات الأخرى في المدارس الفقهية الإسلاميّة.
وقد أشار (2) قدس سره إلى ذلك، ودعا إلى هذا اللون من الدراسة التي تنفتح على الآخرين، وتفيد من نظراتهم وبحوثهم واجتهاداتهم، بل ذهب في هذا المجال إلى ما هو أهم عندما أسس مقولة حيوية قائلاً: "إنّ أي موقف للشريعة الإسلاميّة يحتوي على أكثر من اجتهاد، يعتبر نطاق البدائل المتعددة من الاجتهاد المشروع دستورياً، ويظل اختيار البديل المعين من هذه البدائل موكولاً إلى السلطة التشريعية التي تمارسها الأمة على ضوء المصلحة العامة.." (3).
إنّ هذه المقولة التأسيسية تعد بحق خطوة كبيرة جداً في مسيرة وحدة الأمة وفي
__________________________________
1 ـ راجع مباحث الأصول: 67 ـ 69.
2 ـ اقتصادنا السابق: 34 المقدمة، وراجع 423.
3ـ لمحة فقهية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلاميّة ص 13، طبع قسم الإعلام الخارجي لمؤسسة بعثة ـ طهران.