ـ(92)ـ
المشروع التقريبي، إذ هو قدس سره يرى عدم حصر موقف الشريعة في نطاق اجتهاد معين في مثل هذه المواضيع الأساسية في حياة الأمة، وأن الاجتهادات تعتبر مشروعة دستورياً، والسلطة التشريعية هي التي تختار (الاجتهاد المعين على أساس من مصلحة الأمة ككل.
ثالثاً: المشاريع الواعدة وأهميتها في التقريب والوحدة.
لقد نهض الإمام الشهيد قدس سره بأعباء ومسؤوليات جسام، وأسهم في وضع اللبنات الأساسية لمشاريع عديدة، بل وقدم أطروحة بناءة في أكثر من مجال، تصب كلها في هدف حيوي، هو توحيد الأمة في إطار كيان متميز لا يستعير من الآخرين ولا يقلدهم، بل لـه أصالته وشخصيته الحضارية.
وقد أعطى كلّ وقته من أجل إنجاز جملة من تلك المشاريع، وكان في تقديره قدس سره أن ينجز مشاريع أخرى بدأ يوضع لبناتها الأساسية، وهي تصب في الهدف ذاته. ولعل من أهم تلك المشاريع هو مشروع الدستور الإسلامي للدولة الإسلاميّة، ومشروع فقه المعاملات أو القانون المدني.
وتنبع أهمية هذه المشاريع من صلتها بالحياة العملية للمجتمع المسلم، وبمستقبل الأمة الإسلاميّة وكيانها السياسي المستقل في ظل حاكمية الإسلام المرتقبة. وقد وجد الإمام الشهيد الصدر قدس سره الفرصة مواتية بعد نجاح الثورة الإسلاميّة في إيران، فقدم لمحة فقهية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلاميّة. والمتأمل في لوائح ومواد هذا المشروع، يجد الروح الإسلاميّة العامة، واستشراف الأفق الإسلامي، والنظر إلى الأمة المسلمة ككيان واحد وحالة موحدة، مع الأخذ بنظر الاعتبار خصوصية (إيران) باعتبار المشروع ناظراً إلى هذه الجهة.. فعلى سبيل المثال، نجد في إحدى مواد الدستور المقترح ما يلي:
"إنّ الأمة هي صاحبة الحق في الرعاية وحمل الأمانة، وأفرادها جميعاً متساوون في هذا الحق العام أمام القانون، ولكل منهم التعبير من خلال ممارسة هذا الحق عن آرائه وأفكاره وممارسة العمل السياسي بمختلف أشكاله، كما أن لهم جميعاً حق ممارسة شعائرهم الدينية والمذهبية، وتتعهد الدولة بتوفير ذلك لغير المسلمين من مواطنيها الّذين