ـ(90)ـ
ومنطق الشريعة ومقاصدها(1)، ثم يكون الاحتكام إلى (النصوص) في مرتبة تالية، على أن تستبعد التمحلات والتأويلات البعيدة، وتلاحظ تلك النصوص ضمن ظروفها وملابساتها(2).
لقد كان وعي الإمام قدس سره عميقاً أيضاً عندما أنجز عدة بحوث ودراسات في حقول المعرفة الإسلاميّة، تهدف إلى تأسيس قناعات مشتركة بين أبناء الإسلام، أو تثبت أسس ومقررات شرعية مقبولة تصح منطلقاً لقيام دراسات ذات سمة تقريبية.
ونلاحظ في هذا الصدد مثلاً دراسته العميقة حول مسألة الخلافة، ومعالجته لهذا الموضوع الذي يعد من أكثر الموضوعات حساسية وخطورة، نجده يترسم تلك الخطوات، وينطلق من تلك الأسس، فيبتعد عن المعالجة التقليدية المتوارثة عبر قرون متطاولة، ويبحث المسألة بأسلوب علمي رصين، وبنفس هادى محايد، وينطلق من أفق الإسلام ومنطقه، وما يفرضه منطق العلم بطرح الافتراضات المحتملة واختبارها، مستنطقاً حقائق الواقع ومشهور الوقائع.
إنّ الدارس والمتأمل في كتاب الشهيد الصدر قدس سره الذي صدر تحت عنوان (بحث حول الولاية)(3) سيلاحظ ـ الدارس ـ أن الروح التي سادت في هذا البحث، والطريقة التي اتبعت في معالجته، وأسلوب المناقشات العلمية الهادئة، تكشف عن مصداقية النفس والنزعة التقريبية.
وتقع في هذا الإطار أيضاً المعالجات والدراسات التي أنجزها الإمام الشهيد الصدر قدس سره، والتي تتصل بالقضايا الإسلاميّة المعاصرة والإشكالات الفكرية التي تواجه المسلمين عموماً، سواء في نطاق (نظرية المعرفة) كما في دراسته (فلسفتنا) " والأسس
__________________________________
1 ـ راجع اقتصادنا ص 421 إلى ص 423 الطبعة الثانية المجمع العلمي للشهيد الصدر/ 1408هـ.
2 ـ المصدر نفسه ـ دراسة رائعة لكيفية التعامل مع النص ص 1404 فما بعدها.
3 ـ بحث حول الولاية الشهيد الصدر قدس سره، طبع مقدمة لكتاب الدكتور عبد الله فياض تاريخ الإمامة وأسلافهم من الشيعة إصدار مطبعة أسعد 1970، ونشرته دار التعارف بيروت سنة 1977 م، ونشر في القاهرة بعنوان آخر بإشراف السيد طالب الرفاعي سنة 1977.