ـ(84)ـ
فقهاء الإمامية، وتلمسناه على نحو آخر في المغني لابن قدامه، وفي بداية المجتهد لابن رشد الحفيد هذا في المتقدمين، أما في العصور المتأخرة وفي عصرنا الحالي فقد بادر إليه الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء في تحرير المجلة، والعلامة محمّد تقي الحكيم في الأصول العامة، وتلمسناه في الدراسات الجامعية التي أشرف عليها أساتذة الأزهر، وظهر في الموسوعات الفقهية (1) أخيراً.
وأما على الصعيد السياسي فقد كانت هناك مواقف سياسية تنم عن المشاعر الإسلاميّة الصادقة، وتدل على الحرص على كيان الإسلام السياسي مهما كان لونه المذهبي، كما حصل هذا مثلاً في إفتاء علماء الإمامية في الربع الأول من هذا القرن العشرين بوجوب الجهاد لحماية الحكم السني(2) في الدولة العثمانية. ومثل ذلك كان موقف كثير من العلماء السنة(3) في دعم وإسناد الجمهورية الإسلاميّة. وكل ذلك يدل على أهمية وجدوى (المشروع التقريبي) وضرورة تنشيطه، واتخاذ الخطوات العلمية والعملية لإنجاحه.
أبعاد وخصوصية منهج الإمام الشهيد الصدر رضي الله عنه
ينطلق الشهيد الصدر قدس سره في منهجه العام من حقيقة بسيطة، مفادها أن نجاح أي مشروع إنّما يتوقف على كون القائمين عليه مؤمنين كلّ الإيمان بأحقيته وجدواه (4)، لأن مثل هذا الإيمان يقود بالضرورة إلى الإخلاص والجدية، ويستتبع ذلك بالضرورة أيضاً الدقة في التخطيط والحرص في المتابعة، كما يحفز على الأخذ بكل مبادرة جادة، واهتبال كلّ فرصة سانحة، والتفتيش عن أية إمكانية متوفرة تخدم الهدف الأساس للمشروع ولا تتقاطع مع أغراضه الحيوية.
__________________________________
1 ـ راجع الموسوعة الفقهية الصادرة عن وزارة الأوقاف في الكويت.
2 ـ مباحث الأصول الحائري ص 152، نداء الشهيد الصدر قدس سره.
3 ـ قضية وقوف كثير من علماء ومفكري أهل السنة مع الجمهورية الإسلاميّة حقيقة معروفة للجميع.
4 ـ مباحث الأصول ص 77.