ـ(83)ـ
تعبر عن أطروحة التقريب، وصدر منها أكثر من ستين عدداً على مدى عشرين سنة، وكان لها أثر و دور في إحداث وعي متزايد في الأوساط المثقفة والمؤمنة بأهمية الوحدة.
إنّ هذه الحركة الناشطة في دعوة التقريب دب إليها الوهن، وأوشك أن يلفها الخمود لولا أن قيض الله تعالى لهذه الأمة مفجر الثورة الإسلاميّة الإمام الراحل روح الله الخميني قدس سره فأعاد إليها الحياة، إذ تبنى الدعوة إلى الوحدة الإسلاميّة(1)، ودعا إلى التآلف والاتحاد لمواجهة قوى الكفر العالمي، وتبنى خليفته من بعده السيد القائد علي الحسيني الخامنئي هذه الدعوة الصادقة، فبادر(2) إلى تأسيس (مجمع التقريب بين المذاهب الإسلاميّة) ليكون منطلقاً في تعزيز مسيرة التقارب والوحدة.
وقد بدأ نشاط هذا (المجمع) ينصب على عقد الندوات السنوية على مستوى العالم الإسلامي، وإصدار النشرات لتقوية الاتجاه التقريبي، ثم توج أعماله بإصدار مجلة (رسالة التقريب)(3)، لتكون منبراً حراً ومعبراً صادقاً عن منهج التقريب.
إنّ المحاولات التقريبية الجادة التي قام بها العلماء والمفكرون المخلصون قد حققت نتائج مهمة على مختلف الأصعدة، ففي مجال الدراسات الفقهية والكلامية كادت الدراسات المقارنة تسود في الأوساط الحوزوية والأكاديمية، وفي ذلك ما فيه من جدوى وثمار حقيقية، تتمثل في تفهم كلّ اتباع مذهب مباني ومتبنيات المذهب الآخر.
ولعل من المناسب أن نشير هنا إلى أن هذا الاتجاه العلمي في الدراسة المقارنة كان فقهاء الأمة الأوائل قد سبقونا إليه، إذ نجد مبادرة، علم الهدى الشريف المرتضى في (الانتصار)، والشيخ الطوسي في (الخلاف)، والعلامة الحلّي في (التذكرة)وكلهم من إجلاء
__________________________________
1 ـ راجع البحث القيم الذي نشره الكاتب خالد توفيق بعنوان "قضايا الوحدة ومشكلات التجزئة" في فكر الإمام الخميني رضى الله عنه مجلة التوحيد العدد (6) السنة العاشرة محرم وصفر 1413 هـ إعداد منظمة الإعلام.
2 ـ مجلة رسالة الإسلام العدد الأول ـ الطبعة الجديدة ـ المقدمة بقلم الشيخ آيت الله واعظ زاده خراسانى.
3 ـ صدر العدد الأول من مجلة رسالة التقريب في رمضان المبارك سنة 1413 هـ وقد صدر منها لحد الآن أربع أعداد.