ـ(76)ـ
وفي حديث آخر يقول: "من فسر القرآن برأيه: إنّ أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ فهو أبعد من السماء"(1).
ومما لا شك فيه أن استخراج الوجوه والتأويلات الباطنية ونسبتها إلى القرآن الكريم من دون دليل معتمد لا يخرج عن التفسير بالرأي. وأما بالنسبة إلى تفسير الأئمة ـ عليهم السلام ـ القرآن تفسيراً باطنياً فذلك ليس إلاّ لإحاطتهم بمعاني الكتاب العزيز مع عصمتهم ـ كما هو معتقدنا نحن الشيعة في الأئمة الاثني عشر ـ التي تمنعهم من أن يقولوا في القرآن مالا برهان عليه.
3 ـ موقف أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من لزوم وجود قيم على القرآن ينطق عنه، ويفهم تأويله، ويعي حقائقه، ويدرك بواطنه. ولم يكن هذا القيم في اعتقاد الأئمة ـ عليهم السلام ـ إلاّ هم أنفسهم باعتبارهم عدلاً للقرآن، كما دل عليه حديث الثقلين المتواتر بين جميع المسلمين.
وفي بعض خطب أمير المؤمنين ـ عليهم السلام ـ نجد: أنّه يبرر حربه للآخرين بالرغبة في الدفاع عن حقائق الإسلام، التي طرأ عليها التأويل المنحرف، فيقول: "ولكنا إنّما أصبحنا نقاتل أخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والإعوجاج، والشبهة والتأويل"(2).
وروت كتب الشيعة، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أنّه قال: "إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، وهو: علي بن أبي طالب"(3).
وفي الكافي: يروي عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ قوله: "ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء"(4).
ويبين أحد أصحاب الأئمة ـ عليهم السلام ـ الحاجة إلى وجود قيم على القرآن يعلم كلّ ما فيه، فيقول: (وقلت للناس: تعلمون أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ كان هو الحجة من الله على خلقه ؟ قالوا: بلى، قلت ك فحين مضى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ من كان الحجة على خلقه ؟ فقالوا: القرآن، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن
__________________________________
1 ـ البرهان في تفسير القرآن 1: 19.
2 ـ نهج البلاغة، تحقيق الدكتور صبحي الصالح، الخطبة 122: 179.
3 ـ البرهان في تفسير القرآن 1: 17.
4 ـ أصول الكافي 1: 228.