ـ(75)ـ
المواقف التالية لأئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ:
1 ـ موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ من المجادلة بالقرآن حينما بعث ابن عباس لمحاجة الخوارج، إذ يقول لـه: "لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً"(1).
وهذا الأمر لا يعني: أن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كان يريد أن يبعد القرآن عن مهمة الاستنجاد به في مواجهة الأفكار الضالة، ورد الدعاوى الباطلة، وكيف يريد ذلك وهو الذي يقول عن القرآن في خطبة لـه: ".. وبرهاناً لمن تكلم به، وشاهداً لمن خاصم به، وفلجاً لمن حاج به"(2)؟ وإنّما كان علي ـ عليه السلام ـ يعتقد أن الطرف المقابل لا يمكنه أن يدخل في حوار منتج من خلال القرآن؛ لأنه يعتقد في نفسه القدرة على فهم القرآن، وإدراك معانيه، مع أن واقعه يدل بكل وضوح على مخالفته لهذا القرآن علماً وعملاً.
ولذا يقول ـ عليه السلام ـ في كلام لـه: "ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتّى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتّى تعرفوا الذي نبذه"(3).
فالمشكلة ـ إذن ـ كانت تكمن في عدم قدرة كلّ شخص على النطق والتحدث باسم القرآن، وإن كانت مهمة التحدث باسم القرآن والنطق عنه مهمة لابد منها، كي لا يبقى القرآن معطلاً لا ينتفع به الناس.
ولذا يقول ـ عليه السلام ـ: "هذا القرآن هو خط مستور بين الدفتين، لا ينطق بلسان، ولابد لـه من ترجمان، وإنّما ينطق عنه الرجال"(4).
2 ـ موقف أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من تأويل القرآن وتفسيره بلا علم ولا دليل، وقد عرف ذلك بالتفسير بالرأي. وفي ذلك يقول الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ: "من فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر "(5).
__________________________________
1 ـ نهج البلاغة، تحقيق الدكتور صبحي الصالح الخطبة 77: 465.
2 ـ المصدر السابق الخطبة 198: 316.
3 ـ نهج البلاغة، تحقيق الدكتور صبحي الصالح، الخطبة 147: 206.
4 ـ تاريخ الفلسفة الإسلاميّة لهنري كوربان: 125.
5 ـ البرهان في فتسير القرآن 1: 3.