ـ(71)ـ
جبرائيل عن علم الباطن ؟ فقال: سألت الله عز وجل عن علم الباطن ؟ فقال: "هو سر من سري أجعله في قلب عبدي، لا يقف عليه أحد من خلقي")(1).
الحقيقة الثالثة: أن الشيعة رغم كونها ترفض تعطيل القرآن والجمود على ظواهره، إلاّ أن موقفها هذا لم يكن يعني بحال من الأحوال أن لا قيمة لظواهر القرآن بشكل خاص، ولظواهر النص الديني بشكل عام. وقد تبنى علماء الشيعة موقف الدفاع عن ظواهر القرآن وإثبات حجيتها؛ وذلك: (أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لم يخترع لنفسه طريقة خاصة لإفهام مقاصده، وأنه كلم قومه بما ألفوه من طرائق التفهيم والتكلم، وأنه أتى بالقرآن ليفهموا معانيه، وليتدبروا آياته، فيأتمروا بأوامره، ويزدجروا بزواجره. وقد تكرر في الآيات الكريمة ما يدل على ذلك)(2).
ويستدل "السيد الخوئي" على حجية ظواهر الكتاب الكريم، قائلاً: (ومما يدل على حجية ظواهر الكتاب وفهم العرب لمعانيه:
1 ـ إنّ القرآن نزل حجة على الرسالة، وإن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ مع لسان القرآن قد تحدى البشر على أن يأتوا ولو بسورة من مثله، ومعنى هذا: أن العرب كانت تفهم معاني القرآن من ظواهره، ولو كان القرآن من قبيل الألغاز لم تصح مطالبتهم بمعارضته، ولم يثبت لهم إعجازه؛ لأنهم ليسوا ممن يستطيعون فهمه، وهذا ينافي الغرض من إنزال القرآن ودعوة البشر إلى الإيمان به.
2 ـ الروايات المتظافرة الآمرة بالتمسك بالثقلين اللذين تركهما النبي في المسلمين، فإن من البين أن معنى التمسك بالكتاب هو: الأخذ به، والعمل بما يشتمل عليه، ولا معنى لـه سوى ذلك.
3 ـ الروايات المتواترة التي أمرت بعرض الأخبار على الكتاب، وأن ما خالف الكتاب منها يضرب على الجدار، أو أنّه باطل، أو أنّه زخرف، أو أنّه منهي عن قبوله، أو أن الأئمة عليهم السلام لم تقله. وهذه الروايات صريحة في حجية ظواهر الكتاب، وأنه مما تفهمه
__________________________________
1 ـ المصدر السابق.
2 ـ البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي: 281.