ـ(70)ـ
فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق..."(1).
وروى "الصدوق" عن حمران بن أعين أنّه قال: سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن ظهر القرآن وبطنه ؟ فقال: "ظهره الّذين نزل فيهم القرآن، وبطنه الّذين عملوا بمثل أعمالهم، يجري فيهم ما نزل في أولئك"(2).
ومحاولة تأويل القرآن والبحث عن بواطنه لا تنفرد بها الشيعة وحدها، إذ أن العرفانية التي يمكن جعلها منهجاً في البحث عما وراء الظاهر نجد لها حضواً في جميع الفرق والمذاهب الإسلاميّة، وإن اختلفت نسبة هذا الحضور وأشكاله.
وقد ورد في روايات أيضاً: أن للقرآن ظهراً وبطناً، ولبطنه بطناً، إلى سبع بطون.
فمن ذلك: ما ذكره النقاش في تفسيره عن ابن عباس أنّه قال: جل ما تعلمت من التفسير من علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ: "أن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن، وأن عليا عنده علم الظاهر والباطن"(3).
ومنه أيضاً: ما ذكره الغزالي في "إحياء العلوم"، والحافظ أبو نعيم في "حلية الأولياء"، عن ابن مسعود قال: "إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن، وأن علي بن أبي طالب عنده منه علم الظاهر والباطن"(4).
وبالنسبة إلى "علم الباطن" فإن المتصوفة من أهل السنة لم يكونوا أقل اهتماماً من الشيعة في إثبات مستنداته الشرعية.
فـ "الكلاباذي" في كتابه "التعرف لمذهب أهل التصوف" يذكر: (أنّه روى سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ: "إنّ من العلم كهيئة المكنون، لا يعلمه إلاّ أهل المعرفة بالله، فإذا نطقوا به لم ينكره إلاّ أهل الغرة بالله"(5).
وعن عبد الواحد بن زيد قال: سألت الحسن عن علم الباطن ؟ فقال: سألت حذيفة بن اليمان عن علم الباطن؟ فقال: سألت رسول الله عن علم الباطن ؟ فقال: سألت
__________________________________
1 ـ أصول الكافي للكليني 2: 599.
2 ـ معاني الأخبار للصدوق: 246.
3 ـ كنز العمال 10: 222 و276.
4 ـ البرهان في تفسير القرآن: 5 المقدمة.
5 ـ التعرف لمذهب أهل التصوف لأبي بكر محمّد الكلاباذي: 87.