ـ(67)ـ
ويحاول مصطفى غالب أن يسبغ على مقولات الإسماعيلية في الإمام المعصوم طابع المعقولية، فيقول: (والإسماعيلية يعتبرون ـ من حيث الظاهر ـ أن الأئمة من البشر، وأنهم خلقوا من الطين، ويتعرضون للأمراض والآفات والموت مثل غيرهم من بني آدم، ولكن في التأويلات الباطنية، يسبغون على الإمام (وجه الله )، و(يد الله)، و(جنب الله)، وأنه هو الذي يحاسب الناس يوم القيامة، وهو الصراط المستقيم، والذكر الحكيم، إلى غير ذلك من الصفات.
وفي هذه الأقوال أدلة على كلّ صفة من هذه الصفات، فمثلاً: أن الإنسان لا يعرف إلاّ بوجهه، ولما كان الإمام هو الذي يدل العالم على معرفة الله، فبه إذن يعرف الله، فهو وجه الله الذي يعرف به الله ولما كانت اليد التي يبطش بها الإنسان ويدافع بها عن نفسه، والإمام هو الذي يدافع عن دين الله، ويبطش بأعداء الله، فهو على هذه المثابة يد الله)(1).
ويؤكد مصطفى غالب استناد الإسماعيلية في قولهم بالتأويل على أدلة عقلية مستخلصة من القرآن فيقول: (ولهم أدلة عقلية على وجوب التأويل استقوها من القرآن الكريم، فذهبوا إلى: أن مآلة الدين تؤخذ من خلقة السموات والأرض، وتركيب الأفلاك، وجميع ما يتامل مما خلقه الله، فقد ركزت في المخلوقات كلّ معاني الدين الذي حمله القرآن الكريم. فآيات القرآن إذن في حاجة إلى من يستنبط كنوز هذه المعاني.
واستناداً لهذه الطريقة أوجدوا نظرية المثل والممثول. والباطن والظاهر، وجعلوا الظاهر يدل على الباطن، وسموا الباطن ممثولاً، والظاهر مثلاً)(2).
وأمام هذا الغموض الذي يكتنف النظرية الإسماعيلية، والتشويهات التي يزعم مناصروها أنها ألصقت بهم ظلماً، لم يجد المستشرق "جولد تزيهر" بدأ من التشكيك في إباحية الإسماعيلية وتحللهم، فقال: (واستخلص خصومهم من نظريتهم الدينية هذه: أنهم يتحللون من النواميس الخلقية، ويبيحون كلّ محظور ومنكر، غير أنا لا نستطيع أن نسلم
__________________________________
1 ـ تاريخ الدعوة الإسماعيلية لمصطفى غالب: 40.
2 ـ المصدر السابق: 42.