ـ(66)ـ
البحث عن كنهه الحقيقي في الخير الروحي الذي تدأب الشريعة لـه وتسعى إليه.
ورغم أن كلّ أو أغلب الفرق الباطنية ـ وبالأخص الإسماعيلية ـ أتهمت بالتجاوز على الشريعة وإباحة المحرمات وتفسير ظواهر الشريعة بتفسيرات باطنية لا شاهد عليها من العقل أو الشرع، إلاّ أننا نجد أن هناك من يعزي هذه الاتهامات إلى دوافع سياسية، محاولاً براءة بعض هذه الفرق من تلك الاتهامات.
فها هو "مصطفى غالب" الكاتب الإسماعيلي المعاصر يبرر التشويهات التي ألصقت بالإسماعيلية بأنها من فعل الخلافة العباسية التي واجهتها الإسماعيلية بالعداء ومحاولات الخروج عليها، فيقول:
(لما شعرت الخلافة العباسية التي كانت تجتاز مرحلة اضطراب وضعف، ويتعاقب في خلافتها عدة من الخلفاء الضعاف بخطر، الحركة الإسماعيلية الداهم، فوكلت وعاظهم وأصحاب المقالات الدينية بالطعن بمبادئ هذه الحركة والإفتراء عليها بالأكاذيب؛ لينعتوا مذهبها ونظامها بالإباحية والزندقة والإلحاد، والخروج عن الدين الإسلامي الحنيف، ويطعنوا أيضاً بنسب أئمة هذه الحركة، ويحرضوا عليهم أصحاب الجهل وأهل التعصب)(1).
ومن كلمات الكاتب المذكور في بيان أصول عقيدته الإسماعيلية التي تخالف ما اشتهر عنها بين مؤرخي الفرق قوله: (فالعقيدة الأساسية الجامعة للإسماعيلية تترسخ في حقائق ثابتة هي:
1 ـ العبادة العملية، أي: علم الظاهر: وهو ما يتصل بفرائض الدين وأركانه.
2 ـ العبادة العلمية، أي: علم الباطن: من تأويل ومثل عليا للتنظيمات الاجتماعية والإدارة السياسية. وكل هذه النقاط تعد من صميم العقائد، تتداخل مع بعضها تداخلاً كلياً، وتعتمد كلّ واحدة على الأخرى، فهم يقولون بالباطن والظاهر معاً، وذهبوا إلى تكفير من اعتقد بالباطن دون الظاهر، أو بالظاهر دون الباطن)(2).
__________________________________
1 ـ تاريخ الدعوة الإسماعيلية لمصطفى غالب: 5.
2 ـ المصدر السابق.