ـ(56)ـ
3 ـ إذا شك المطلق امرأته في أنّه طلقها واحدة أو ثلاثاً فإن جمهور العلماء ـ ومعهم أحمد، خلافاً لمالك ـ قد قرروا أن تكون الطلقة واحدة في هذه الحالة؛ لأنها هي المستيقنة(1).
قال الشيخ أبو زهرة: (وهكذا ترى الحنابلة يأخذون بهذا الأصل في كثير من فروعهم، بل في قواعدهم، وأن قاعدتهم في إباحة العقود والشروط، إلاّ ما قام نص على منعه قد وسع مذهبهم في هذا الباب بما لم يتسع به أي مذهب آخر)(2).
وإذا انتقلنا إلى ابن حزم الظاهري وجدناه يذكر الدليل على وجوب الأخذ بحكم الاستصحاب، حيث يقول: (فصح أنّه لا معنى لتبدل الزمان، ولا لتبدل المكان، ولا لتغير الأحوال، وأن ما ثبت أبداً في كلّ زمان وفي كلّ مكان، وعلى كلّ حال حتّى يأتي نص بنقله عن حكمه في زمان آخر، أو مكان آخر، أو حال أخرى. وكذلك إنّ جاء نص بوجوب حكم في زمان ما، أو في مكان ما، أو في حال ما وبين لنا في ذلك النص وجب أن لا يتعدى النص، فلا يلزم ذلك الحكم في غير ذلك الزمان، ولا في غير ذلك المكان، ولا في غير تلك الحال)(3).
أما الأصوليين الإمامية: فقد ذهب إلى هذا القول من المتأخرين الشيخ محمّد كاظم الخراساني صاحب (الكفاية)(4).
ثالثا: أدلة القائلين بحجية الاستصحاب مطلقاً:
استدل القائلون بحجية الاستصحاب من الأصوليين الإمامية بأدلة كثيرة:

أ ـ السنة:
الروايات التي ذكرت للاستدلال على حجية الاستصحاب مطلقاً كثيرة، وسنقتصر على ذكر واحدة منها؛ لأن الروايات الأخرى تعطي معنى هذه الرواية في
__________________________________
1 ـ ابن حنبل لأبي زهرة: 293.
2 ـ تاريخ المذاهب الإسلاميّة لأبي زهرة 2: 345.
3 ـ الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري 5: 592.
4 ـ كفاية الأصول للشيخ محمّد كاظم الخراساني 2: 28.