ـ(52)ـ
أما مثال القاعدة الفقهية فهو قاعدة التجاوز: وهي الحكم بوجود عمل شك في وجوده بعد التجاوز عن محله والدخول في غيره، أو بعد ما خرج وقته، كما إذا شك المكلف في أنّه أتى بالقراءة أم لا وهو في الركوع، أو شك في الركوع وهو في السجود، فيحكم بأنه أوجدها، ويمضي في صلاته، ويحكم بالإتيان وفراغ، الذمة(1)، وهكذا، فإن النتيجة هي حكم جزئي.
إذا عرفنا هذا فنعود إلى موضوعنا، وهو الاستصحاب الذي يجري في الشبهات الحكمية والموضوعية، فإذا جرى في الشبهات الحكمية فإنه يكون مسألة أصولية؛ لأن نتيجته تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي: كاستصحاب نجاسة الماء المتمم كرّاً(2).
أما عند جريانه في الشبهة الموضوعية: فإنه يكون مسألة فقهية، كما إذا شككنا في عدالة زيد بقاء ـ مثلاً ـ واستصحبناها لزمنا الحكم ببقائها، وهذا أمر جزئي (3).
ثانياً: الأقوال في الاستصحاب:
لقد اختلف في حجية الاستصحاب وعدمه على أقوال، ذكر منها الشيخ الأنصاري أحد عشر قولاً وهي:
أوّلاً: القول بالحجية مطلقاً.
ثانياً: عدمها مطلقاً.
ثالثاً: التفصيل بين العدمي والوجودي، فيعتبر في الأول دون الثاني رابعاً: التفصيل بين الأمور الخارجية وبين الحكم الشرعي مطلقاً، فلا يعتبر في الأول.
خامساً: التفصيل بين الحكم الشرعي الكلي وغيره، فلا يعتبر في الأول إلاّ في عدم النسخ.
سادساً: التفصيل بين الحكم الجزئي وغيره، فلا يعتبر في غير الأول.
سابعاً: التفصيل بين الأحكام الوضعية ـ يعني: نفس الأسباب والشروط
__________________________________
1 ـ مصطلحات الأصول للشيخ علي المشكيني: 139.
2 ـ مباني الإستنباط، أبو القاسم باغميشة 4: 7.
3 ـ المصدر السابق 4: 8.