ـ(51)ـ
وعرفه بعض الأعلام المعاصرين بأنه: (حكم الشارع ببقاء اليقين في ظرف الشك من حيث الجري العملي)(1).
هذا ما كان من تعريف الأصوليين للاستصحاب.
أما الأخباريون فقد رفضوا الاستصحاب بالمفهوم الأصولي العام (2)، ولكن الشيخ يوسف البحراني نبه في حدائقه على حقيقة خلاصتها: (أن المحدث الاسترابادني يميل في تعليقاته على المدارك إلى العمل بالاستصحاب)(3).
وتناول السيد محمّد تقي الحكيم هذا الموضوع في بحث (استصحاب النص إلى أن يرد النسخ) بقوله: (وقد عد المحدث الاسترابادي هذا النوع من الاستصحاب من الضروريات). وأردف يقول: (والحقيقة: أنا لسنا في حاجة إلى هذا الأصل لإثبات استمرار الشريعة، لأن "حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة"(4).
وقبل الدخول في ذكر الأقوال حول الاستصحاب يحسن بنا أن نحدد ما يلي:

هل الاستصحاب مسألة أصولية ام فقهية؟
إنّ المسألة الأصولية لا تنتج بعد ضم صغراها إليها إلاّ حكماً كلياً، كما أن استنباط الحكم من تلك المسألة إنّما هو من وظيفة المجتهد، ولا سبيل للعامي إليه أصلاً (5).
أما المسألة الفقهية: فإنها لا تنتج إلاّ حكماً جزئياً، والعامي هو الذي يجري قياسها ويطبقه على فعله الخاص، وتكون النتيجة شخصية(6).
مثال المسالة الأصولية: لو أخبرنا العادل عن حكم فنقول: "هذا ما أخبر به العادل، وكل ما أخبر به العادل فهو حجة، فهذا حجة". إذ من المعلوم اختصاص هذا الاستنباط بالمجتهد لا بالمقلد.
__________________________________
1 ـ مصباح الأصول، تقريرات المحقق الخوئي، لمحمد مسرور الواعظ: 5.
2 ـ الفوائد المدنية للاسترابادي: 106 ـ 143.
3 ـ الحدائق الناضرة للبحراني 1: 55.
4 ـ الأصول العامة للفقه المقارن، السيد العلامة الحكيم: 474.
5 ـ الرسائل للشيخ الأنصاري 10: 304، والسيد الخوئي في "أجود التقريرات" 3: 344.
6 ـ المصدر السابق 2: 344.