ـ(50)ـ
عن الحال السابقة، وعدم لحاظها وإن كانت موجودة.
وموضوع الاحتياط: هو الشك في المكلف به بعد فرض العلم بقوع التكليف، والقدرة على الموافقة القطعية، وحصر المشتبه بأطراف معينة.
أما موضوع التخيير: فهو العلم بوجود الإلزام والمسؤولية مع التردد بين محذورين، بحيث لا يمكن الجمع بينها بالاحتياط، والموافقة القطعية كالوجوب والحرمة.
قال الشيخ الأنصاري (ت 1281 هـ): (إنّ موارد الأصول قد تتداخل؛ لأن المناط في الاستصحاب ملاحظة الحالة السابقة المتيقنة، ومدار الثلاثة الباقية على عدم ملاحظة الحالة السابقة وإن كانت موجودة)(1).
ولا يبعد أنّه أراد: أن الحالة السابقة قد توجد في موارد الأصول الثلاثة ولكن دون النظر إليها؛ لأنا لو نظرنا إليها لجرى الاستصحاب، إذ أن لكل أصل قيوده وحدوده التي تبتعد به عن غيره من الأصول. وإليك صورة مبسطة عن الاستصحاب تمهيداً للدخول في موضوع البحث:
أولاً: تعريف الاستصحاب:
عُرف الاستصحاب عند الأصوليين من الإمامية بتعاريف عديدة سنقتصر على ذكر بعضها:
فقد عرفه الجرجاني (ت 816 هـ) بأنه: (إبقاء ما كان على ما كان عليه لانعدام المغير)(2).
وعرفه المحقق أبو القاسم القمي بأنه: (كون حكمٍ أو وصفٍ يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق)(3).
كما عرفه صاحب الرسائل (ت 1281 هـ) بـ "إبقاء ما كان"، حيث قال: (المراد بالإبقاء: الحكم بالبقاء)(4).
__________________________________
1 ـ الرسائل للشيخ الأنصاري 1: 164.
2 ـ الجرجاني، علي: التعريفات، علي الجرجاني: 17.
3 ـ القوانين، أبو القاسم القمي 2: 57، والرسائل للشيخ الأنصاري 1: 302 حيث تجد مناقشة التعريف.
4 ـ الرسائل للشيخ الأنصاري 1: 302.