ـ(40)ـ
التفضل ـ بعد ذلك ـ بزيادة من عنده)(1).
تبين مما سبق: إنّ مفهوم "العدل الإلهي" عند ابن المعلم يعني: جزاء العباد بقدر ما فعلوه من خير أو شر، ويتضمن هذا المفهوم: إنّ الأفعال المجازى عليها هي من صنع العبد نفسه، وليست مخلوقة فيه، و إلاّ لكان جزاؤه بالجنة أو النار غير مساو لما فعله. ومن هنا تتضح حقيقة هامة في فكر ابن المعلم بخاصة، وفي الإسلام بعامة، وهي: حرية الإرادة الإنسانية.
يقول ابن المعلم: (إنّ الله ـ عز وجل ـ عدل، كريم، خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وعمهم بهدايته.. لم يكلف أحداً إلاّ دون الطاقة، ولم يأمره إلاّ بما جعل لـه عليه الاستطاعة..، لا قبيح في فعله، جل عن مشاركة عباده في الأفعال، وتعالى عن اضطرارهم إلى الأعمال، لا يعذب أحداً إلاّ على ذنب فعله، ولا يلوم عبداً إلاّ على قبح صنعه)(2).
وبالمقابل: فإن الجبرية قد (زعموا: إنّ الله تعالى خلق أكثر خلقه لمعصيته، وخص بعض عباده بعبادته.. وكلف أكثرهم ما لا يطيقون من طاعته، وخلق أفعال جميع بريته، وعذب العصاة على ما فعله فيهم من معصيته، وأمر بما لم يرد، ونهى عما أراد، وقضى بظلم العباد، وأحب الفساد، وكره من أكثر عباده الرشاد، تعالى عما يقول الظالمون)(3).
وهكذا، فغن مذهب الجبرية ـ دعامة حكم السلطان الظالم ـ يقوض فكرة الألوهية من أساسها بإسقاطه خيرية الله المطلقة، وإرادته الصلاح لعباده دون الفساد. إنّ الله يفعل الصلاح، بل الأصلح لعباده من جهة كما يقول ابن المعلم، وهو في الوقت نفسه لا يكرههم على إيمان أو معصية ليكون الجزاء عادلاً يوم الحساب.
يقول ابن المعلم: (إنّ الله تعالى لا يفعل بعباده ما داموا مكلفين، إلاّ أصلح الأشياء
__________________________________
1 ـ ابن المعلم في شرح عقائد الصدوق، أو تصحيح الاعتقاد: 222.
2 ـ ابن المعلم في أوائل المقالات في المذاهب والمختارات: طبع 63 إيران ـ قم (1371 هـ).
3 ـ المصدر السابق 63.