ـ(38)ـ
لـه: إنّ أفعال العباد لا تخلو من ثلاثة منازل: إما إنّ تكون من الله خاصة، أو منه ومن العبد على وجه الاشتراك فهيا، أو من العبد خاصة)(1).
(فإن كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من إنّ يظلم عبده، ويأخذه بما لم يفعله)(2)؛ لأن الله الفاعل لها يكون الأولى "بالحمد على حسنها، والذم على قبحها، ولم يتعلق بغيره حمد ولا لوم فيها"(3).
(أما إنّ كانت الأفعال من الله والعبد معاً فهو شريكه، والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف)(4). ولو كانت الأفعال شركة حقاً (لكان الحمد لهما معاً فيها، والذم عليهما جميعاً فيها. وإذا بطل هذان الوجهان ثبت أنها من الخلق، فإن عاقبهم الله تعالى على جنايتهم بها فله ذلك، وإن عفى عنهم فهو أهل التقوى وأهل المغفرة)(5).
لقد قام الدليل النصي والعقلي على صحة نسبة المعاصي إلى الإنسان فاعلها دون الله.
يقول ابن المعلم: (إنّ كلّ ما قضى به الله حق دون ما سواه، قال الله تعالى: [الذي أحسن كلّ شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين](6)، فخبر: بأن كلّ شيء خلقه حسن غير قبيح.. وفي حكم الله تعالى بحسن جميع ما خلق شاهد ببطلان قول من زعم أنّه خلق قبيحاً. وقال الله تعالى: [ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت](7)، فنفى التفاوت عن خلقه، وقد ثبت إنّ الكفر والكذب متفاوت في نفسه، والمتضاد من الكلام متفاوت، فكيف يجوز إنّ يطلقوا على الله تعالى أنّه خالق لأفعال العباد، وفي أفعالهم من التفاوت والتضاد ما ذكرناه؟!)(8).
وفي الخبر الصحيح أنّه "إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق سألهم عما عهد
__________________________________
1 ـ تصيح الاعتقاد للمفيد: 188.
2 ـ ابن المعلم في كتاب الفصول المختارة: 44.
3 ـ ابن المعلم في شرح عقائد الصدوق، أو تصحيح الاعتقاد: 188.
4 ـ ابن المعلم في الفصول المختارة: 44.
5 ـ ابن المعلم في شرح عقائد الصدوق، أو تصحيح الاعتقاد: 188.
6 ـ السجدة: 7.
7 ـ الملك: 3.
8 ـ ابن المعلم في شرح عقائد الصدوق، أو تصحيح الاعتقاد: 188.