ـ(33)ـ
[وقضى ربك إلاّ تعبدوا إلاّ إياه](1)، معناه ـ بلا خلاف ـ: أنّه تعالى أمر إنّ لا تعبدوا إلاّ إياه. ويكون أيضاً بمعنى: "أخبر"..قال تعالى: [وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا](2)، أي: أخبرناهم بذلك ويكون أيضاً بمعنى: "أراد"، قال الله تعالى: [وإذا قضى أمراً فإنما يقول لـه كن فيكون](3)(4).
معنى "القضاء" إذن: الحكم والأمر والإرادة والخبر، وليس في أي من هذه المعاني ما يفيد الإكراه والإجبار. وقد قدم "ابن المعلم" تحليلاً لغوياً، منطقياً للنصوص التي ورد فيها مصطلح "القضاء" عند تحليله لآراء الشيخ أبي جعفر الصدوق، حيث قال: القضاء معروف في اللغة، وعليه شواهد من القرآن. "فالقضاء" على أربعة أضرب: أحدها: "الخلق"، والثاني: "الأمر"، والثالث: "الإعلام"، والرابع: "القضاء في الفصل بالحكم".
أ ـ فأما شاهد القضاء بمعنى: "الخلق" فقوله تعالى: [ثم استوى إلى السماء وهي
دخان] إلى قوله: [فقضاهن سبع سموات في يومين] (5) يعني: خلقهن سبع سموات في يومين.
ب ـ وأما شاهد القضاء بمعنى: "الأمر" فقوله تعالى: [وقضى ربك ألا تعبدوا إلاّ إياه] (6).
ج ـ وأما شاهد القضاء في "الإعلام" فقوله تعالى: [وقضينا إلى بني إسرائيل...] (7) أي: أعلمنا هم ذلك وأخبرناهم به قبل كونه.
(د) وأما شاهد القضاء "في الفصل بالحكم بين الخلق" فقوله تعالى: [والله يقضي بالحق](8) يعني: يفصل بالحكم بالحق، وقوله: [وقضي بينهم بالحق](9) يريد:
__________________________________
1 ـ الإسراء: 23.
2 ـ الإسراء: 4.
3 ـ البقرة: 117.
4 ـ الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم 3: 52.
5 ـ فصلت: 11 ـ 12.
6 ـ الإسراء: 23.
7 ـ الإسراء: 4.
8 ـ غافر: 20.
9 ـ الزمر: 69.