ـ(21)ـ
هنا من المعاني المذكورة، أي: الشيء الثقيل، أو المتاع، أو ثقل التكليف، إذ المراد هنا: الشيء النفيس، خصوصاً مع ذكر القرآن الذي هو الثقل الأكبر، وهل يوجد شيء أثقل وأنفس منه؟
المفاهيم السامية والواسعة لهذا الحديث:
إنّ المقارنة بين الثقلين ـ كتاب الله وعترة الرسول ـ توصلنا إلى أمور مهمة وكثيرة: إما تصريحاً أو تلميحاً:
1 ـ إنّ العترة كالكتاب حجة وسنداً، بمعنى: إنّ هذين الأصلين كلّ منهما دليل وسند وحجة مستقلة، لا بمعنى إنّ توافق وتطابق الحجتين يشكل حجة واحدة، فإذا أتى أمر من الأمور الدينية في الكتاب فهو حجة وسند، ولا يتوقف على دعم العترة بقول أو غيره وهذا فيما إذا كان نصاً أو ظاهراً ـ لا فيما كان لـه وجوه محتملة ـ فأمره إلى العترة، إذ هم ورثة علم الرسول، فإليهم يرد فهم الكتاب، وعنهم يؤخذ معنى الخطاب. وكذلك العكس، فإذا جاء أمر من العترة فهو حجة، فإذا كان الأمر يخالف كتاب الله فهو بالطبع دليل على عدم صدقه؛ لأن العترة لا يمكن إنّ تقول شيئاً يخالف الكتاب، كما جاء عنهم في الأحاديث (1).
وقد استدل المرحوم الشيخ الطوسي في مقدمة التبيان (2) بهذا البيان على حجية الكتاب بنفسه، وأن الكتاب حجة من دون وصول تفسير المعصوم بذلك، كما إنّ قول العترة المعصومة مستقلاً يعتبر حجة.
2 ـ إنّ أبعاد حجية قول العترة واسعة جداً: كالكتاب الذي فيه تبيان كلّ شيء، والذي يشمل أنواع المسائل بما في ذلك الأحكام والأخلاق والعقائد وتفسير القرآن والعلوم المتعلقة بحقائق العالم وأسرار الخلقة.
إذن: إذا ثبت قول العترة في العقائد فهو حجة، وكذلك الحال في الفقه والتاريخ
__________________________________
1 ـ جامع أحاديث الشيعة 1: 258.
2 ـ تفسير التبيان 1: 5.