ـ(207)ـ
من تبعات الذنوب التي بينك وبين الله، والتوجه بالإخلاص إلى طاعته تبارك وتعالى، وترك الاستهانة والغفلة(1).
قال الإمام علي بن الحسين ـ عليه السلام ـ في دعاء يوم عرفة: "وأتيتك من الأبواب التي أمرت أن تؤتى منها، وتقربت إليك بما لا يقرب أحد منك إلاّ بالتقرب به، ثم أتبعت ذلك بالإنابة إليك، والتذلل والاستكانة لك، وحسن الظن بك، والثقة بما عندك، وشفعته برجائك الذي قل ما يخيب عليك راجيك"(2).
أهمية وآثار الإنابة:
إنّ للإنابة آثارا وفضائل كما هي الحال في فضائل وآثار التوبة والاستغفار، فغن الإنابة وتحققها بما هي من حالة الرجوع الكامل إلى الله تعالى بالإخلاص والعمل والانقطاع الكامل إليه تعطي آثارها الفائضة عنها، والواقعة للعبد بعد توفيق الله تبارك اسمه لـه في نيل هذا النعيم وهذه الرحمة، إذ لولا (لطفه تبارك وتعالى لما وفقنا لذلك، فإذا ندمت على فعلك ورجعت إليه أحبك وجعلك محبوباً لـه)(3) فمن تلك الفضائل والآثار أن الإنابة تؤدي إلى:
أ ـ المعرفة وتورثها في النفس، حيث تعتبر علامة للاهتداء نحو الطريقة المثلى والسبيل الأوضح والصراط السوي، قال تعالى: [واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون](4).
ب ـ إنّ الإنابة عنوان الاستقامة على الطريق الصحيح، حيث تقوم النفس وتؤدب ما يؤدي إلى تهذيب القلب من خلال أداء الطاعات المفروضة واجتناب المعاصي؛ لأن عنوان الاستقامة على الطريق كفيل بعبور العبد السالك في طريق العبودية بإرشاد ما هو مشروع ومعقول في رسالة البشير الهادي الرسول الأكرم ـ صلى الله عليه وآله ـ، قال تعالى: [ويقو الّذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إنّ الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب](5).
__________________________________
1 ـ شرح منازل السائرين: 78.
2 ـ الصحيفة السجادية، شرح عز الدين الجزائري: 82.
3 ـ الأربعون حديثاً للإمام الخميني (رضي الله عنه) 261.
4 ـ لقمان: 15.
5 ـ الرعد: 27.