ـ(205)ـ
تعالى: [واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلى مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون](1).

أنواع الإنابة:
الإنابة من حيث إنها درجة ورتبة آتية بعد التوبة، وإن من نزل في منزل التوبة وقام في مقامها نزل في جميع منازل الإسلام، حيث إنّ التوبة النصوح قد تكون مندرجة وداخلة في منزلة الإنابة، ذلك فيما إذا أردنا في التقسيم والبيان مراتب سلوك العابد وسير القاصد. أما من حيث حقيقة الموجودات ومرتبة المخلوقات فهي تختلف في إنابتها إلى مبدعها وخالقها بحسب القصد والجبلة التي عليها من مقام العشق الإلهي الذي يفترض أن يكون هناك شوق ووجد إلى نور الأنوار، وحقيقة الحقائق، وغيب الغيوب تباركت أسماؤه وجلت حضرته من أن تطأها أقدام القاصرين المحجوبين في عالم الظلمة والطبيعة.
عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال يشير
وعليه كانت إنابة المخلوقات تختلف كلّ الاختلاف عن أصل الإنابة، وحقيقة الإنابة المطلوب بيانها في هذه الوريقات القليلة.
فالإنابة تقسم على ما تقدم إلى: إنابة ظاهرية: وهي إنابة المخلوقات: برها وفاجرها، عامها وخاصها، وهي التي لا تتوقف على الإيمان والإخلاص، بل هي تكشف عن كذب مدعيها، وغدر وخيانة قائليها، وعدم وفائهم بالعهد بعد النجاة، قال الله تبارك وتعالى أسمه: [وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون_ ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون](2).
أما الإنابة الحقيقية: فهي إنابة أهل الله، وهي إنابة صادقة، إنابة الحب العبودي الخالص التي هي مظهر لا سمه المنيب، حيث لا يستحق لطفه في اسمه هذا إلاّ من تخلق بحقيقة هذا الاسم والتي تشمل:
__________________________________
1 ـ لقمان: 15.
2 ـ الروم: 33 ـ 34.