ـ(203)ـ
وهو اسم واقع على ستة معان:
الأول: الندم على ما مضى.
الثاني: العزم على ترك العود عليه أبداً.
الثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة.
الرابع: أن تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها.
الخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبة بالأحزان حتّى تلصق الجلد بالعظم وينشأ لحم جديد.
السادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله"(1).
فحقيقة الاستغفار هكذا، وليس مجرد قول وكلام؛ لأن الاستغفار درجات بحسب توبة العباد، كما أن توبة العباد تختلف بحسب حالاتهم، (فمثلاً: توبة العام من الذنوب، وتوبة الخاص من الاشتغال بغير الله، وتوبة الأولياء من تلوين الخاطر، وتوبة الأنبياء من اضطراب السر)(2).
قال الإمام العارف بالله، الشيخ أبو حفص، عمر بن الفارض المخصوص بالشراب الرائق القائض قدس سره:
ولى عندها ذنب برؤية غيرها فهل لى إلى ليلى المليحة شافع ؟ (3).
فبمعرفة ما مر ذكره من الندم والاستغفار الحقيقي والوصول إلى التوبة النصوح يظهر لنا الفرق الحقيقي بين التوبة والإنابة، من حيث مقام السالك الذي تجاوز التوبة بغسل باطنه من الذنوب بماء الحسرة والاعتراف بجنايته والندم على ما فوت من حق الله.
واستحقاق مقام الإنابة والدخول فيها يحتاج إلى آداب وأعمالٍ وأورادٍ حتّى يستحق
__________________________________
1 ـ نهج البلاغة 4: 98.
2 ـ أسرار الصلاة، حاج ميرزاً الملكي التبريزي: 33.
3 ـ جلاء الغامض في شرح ديوان ابن الفارض لأمين الخوري: 241.