ـ(187)ـ
على قاعدتهم الشعبية الواسعة، في ثورتهم على الأمويين بهذه الشعارات الشيعية، وكان شيعة أهل البيت لا يمثلون فريقاً أمام أهل السنة، بل يمثلون في نظر المسلمين آنئذ الصفوة الطاهرة، التي تحمل الإسلام علماً وعملاً كما أراده الله لا كما أراده الأمويون.

إدريس بن إدريس ـ في فاس ـ:
ما كانت بيعة المراكشيين إدريس لمصلحة دنيوية، فقد ظلوا ملتزمين بها رغم فضل ثورة أخيه، وتعرضهم لسخط العباسيين. بل ظلوا ملتزمين بها حتّى بعد مماته. فحين توفي سنة (17 هجرية ) كان ابنه جنيناً في بطن أمه " كنزة"، فظل المراكشيون ينتظرون ولادته وترعرعه، حتّى إذا ولد وحمل اسم أبيه (إدريس الثاني) بايعه أهل المغرب سنة 188 هجرية. وكان من أعظم أعماله بناء مدينة " فاس" وفي عصره عرف المغرب باسم الأدارسه فقيل: بلد إدريس بن إدريس (1).
وإذا كان إدريس كلّ المغرب في زمانه، فأن مدينة إدريس اليوم (فاس) هي مغرب مصغر بكل تراثه الحضاري.
في أزقتها وأبنيتها القديمة التي بقيت مصونة من يد الدهر، تجد معالم حضارية تعيدك إلى القرنين الثاني والثالث الهجريين.
في إحدى تلك الأزقة تجد بابا يزدحم الناس عليه، بين خارج وداخل، وحين تدخله تجد الناس متحلقين زرافات ووحداناً حول ضريح إدريس بن إدريس وفي الصحن المحيط بالضريح، يأتون للزيارة من كلّ بلاد المغرب.
وفي زقاق آخر تنفتح باب خشبية أثرية قديمة على " جامعة القرويين"، دخلناها فوجدنا الطلاب ملتفين حول أساتذتهم، يقرأون العلوم الإسلاميّة والعصرية بعد أن حفظوا القرآن قبل دخولهم الجامعة، وفي هذه الجامعة يدرس الطالب سبع سنوات مختلف ألوان المعرفة التي تؤهله للدعوة والإرشاد.
__________________________________
1 ـ مروج الذهب 3: 296.