ـ(176)ـ
المشروع ـ على حد تعبيره ـ فهي:
(إنّ العالم الغربي تحرك بحكوماته ومنظماته السياسية جنباً إلى جنب مع المؤسسات الثقافية للدفاع عن قيمة يعتز بها هي "حرية التعبير" بصرف النظر عن رأينا في ضوابط ممارسة تلك الحرية، لكن مستوى الحركة في العالم الإسلامي ـ باستثناء إيران ـ كان دون ذلك بكثير. فقد ترك الأمر للمجالس الإسلاميّة والمجامع الفقهية كأنما هي وحدها المعنية بالتعامل مع مختلف الإهانات التي توجه إلى الإسلام والمسلمين، وكأن المؤسسات السياسية ـ والكلام ما زال للأستاذ فهمي هويدي ـ ليست طرفاً في العدوان على عقيدة الأمة، وتلك مفارقة غريبة تدعو إلى التأمل والدهشة)(1).
الدكتور محمّد عمارة:
وعن احترام الغربيين أو تقديسهم غير المقدس لما يسمى بـ "حرية التعبير"، وأنهم لا يميزون بين مقدس وغير مقدس، وأن الحرية لديهم مبدأ ولا تعرف الحدود فقد علق عليه الدكتور محمّد عمارة قائلاً:
(إنّ الغربيين في دفاعهم عن هذا الكتاب الذي يتخذ شكل الرواية إنّما يلتزمون بأنهم يدافعون عن مبدأ الحرية، ونحن نسأل: هل يبيح الإنجليز لكاتب من الكتاب أن يهين العلم البريطاني؟). وأضاف: 0لقد حدث لدول في عالمنا العربي الإسلامي أن غزاها المستعمرون؛ لأن حاكمها أهان سفيراً لدولة أوروبية، فهل يكون الله ورسوله ودينه وقرآنه أهون من قطعة قماش هي علم دولة من دول الغرب ؟!).
ثم يضرب الدكتور عمارة مثلاً عن المقدس وغير المقدس في الحضارة الأوروبية، والفرق بين قيمنا وقيمهم، فيقول: (إنّ الإسلام دين العقل، وهو يطلب من المرضى بالوساوس والشكوك ألا يعرضوا هذه العورات على الجمهور. أما في الحضارة الغربية ـ التي تبيح كشف العورة وإباحة أندية العراة ـ فإنهم لا يستنكرون إشاعة العورات الفكرية على الناس)(2).
__________________________________
1 ـ انظر المصدر: 153.
2 ـ المصدر السابق: 106، عن صحيفة الوفد في (24/2/1989م).