ـ(158)ـ
تدرس في بعض المعاهد والجامعات لبعض الدول الإسلاميّة، وجد مادتها غزيرة ومبوبة وغزيرة المحتوى فارتأى أن يسجل عليها ملاحظاته بشكل خواطر، وطرزها بمعتقدات وأفكار وآراء المذهب الإمامي وما يفترق به عن المذاهب الإسلاميّة الأخرى، كما يذكر هو رحمه الله في مقدمة كتابه "تحرير المجلة".
8 ـ لقد تأثر في الحكمة والفسلفة بآراء الحكيم"صدر الدين الشيرازي" عندما درس كتابه الأسفار بأكمله، وقد أيده في الزهد ووحدة الوجود.
وأما رأيه في الوجود: فهو أكثر موضوعية وعلمية من رأي الحلاج، والجنيد، والشبلي، والكرخي، والسهر وردي، وابن العربي؛ لأنهم يرون أن الموجودات والأحياء في الطبيعة ليس لها وجود حقيقي، بل هي: مظاهر لله بمثابة العرض من الجوهر.
9ـ أما رأيه في الأخلاق: فهو يشبه رأي متصوفي الهند المعروفين بـ "الويدانت"، يشرح كتاب"غيتا" للسيد كرشناك:
(لنكن مثل أولئك الطيبين الذي يغرسون الأشجار، ليأكل ثمارها أبناؤهم أو أحفادهم بالسعي لإصلاح الإنسانية بإصلاح أنفسنا.. ويجب القيام بالواجبات من دون أن يسمح لعواقبها أن تقلق هدوء البال، وطمأنينة القلب. والمواظبة على هذا السلوك هي: جوهر فلسفة "ويدانت")(1).
ومن هنا يتضح: أن الشيخ يعد من زعماء الدين القلائل الّذين يماشي أسلوبهم ـ الداعي إلى الوحدة الإسلاميّة ـ عقلية العصر، وقد لاقى الإمام المجاهد من أجل طبع كتابه "الدين والإسلام" المصاعب الجمة في بغداد، وقد أتلفته السلطات التركية آنذاك، فاضطر لأن يهاجر ويطبعه بصيدا في جزئين.
قد جمع الإمام كاشف الغطاء في كتابه هذا بين: العقائد والأخلاق والحكم، والأدب والفصاحة والبلاغة...، لذا كان يدعو بإخلاص إلى الله تعالى بعيداً عن إثارة العصبية والطائفية، أو إثارة روح الشقاق والمجادلة، أو القصد إلى إظهار الغلبة.
__________________________________
1 ـ عن مجلة "ثقافة الهند" عدد حزيران (1951م).