ـ(135)ـ
عن دور المحتسب في عدة مقاطع، كان منها ما ذكر فيه(1). (أن المحتسب: هو الذي يشرف على أمناء الحرف والمهن، وشغله الشاغل هو: التجول في المدينة باستمرار على ظهر فرسه أو بغلته مصحوباً بعدد من أعوانه لا يقل عن اثني عشر عوناً، لمراقبة الأسواق وما يجري فيها من بيع وشراء، وفي استطاعته متى لم يجد الوزن كما هو، أن يقوم بإهانة الغاش، وبالتصدق بالبضاعة على الفقراء، وبإتلافها، وما أزال أتذكر ـ إلى اليوم ـ منظر العديد من الأحذية وقد قطعت ومزقت وألصقت على جدار السوق الرئيسي للأحذية..! ومن الجاري به العمل أن يعين المحتسب بمرسوم يحمل ختم رئيس الدولة نفسه، تعبيراً عن الأهمية التي تولى للمحتسب...)(2).
وفي اعتقادي أن ابن الوزان هو الذي أعطى فكرة دقيقة عن هذه الوظيفة الحضارية التي يضطلع بها المحتسب. وحسبنا أن نرجع إلى كتابه سالف الذكر؛ لنعرف عن التقسيمات التي تخضع لها أسواق المدينة، ويذكر مدينة فاس كنموذج لتلك التقسيمات.
إنّ مدينة فاس عنده: عبارة عن حارات، كلّ حارة لها سوق تمارس فيه التجارة في مادة معينة، فهنا سوق الكتب، وسوق الذهب والجوهر، والأواني النحاسية، وباعة الفواكه المجففة، والشمع والخيطان، وسوق الزهور، والليمون والحليب والزبد والجبن، والقطن، والقنب والحبال، وسوق الأحذية، وأرسان الخيول والأسرجة وأغماد السيوف، والأواني الخزفية التي تبلغ مائة دكان، وهناك سوق المخللات، والجزارون والخضارون
__________________________________
1 ـ ج 1، 237 ـ 251 ـ 260، ج 2 ص 214 ـ 232.
2 ـ وصف أفريقيا: ج 1 ص 237 و 251 و 260 و: ج 2 ص 214 ـ 232، والقلقشندي في صبح الأعشى: ج 10 ص 460 وابن زيدان: الإتحاف ج 1 ص 369، والعز والصولة ج 2 ص 69، وظهير عزيزي يتعلق بالحسبة في طنجة، جريدة "الميثاق"، طنجة: ص 3 العدد 1025 في 20 شعبان، ونظام الحكم والإدارة للشيخ محمّد مهدي شمس الدين: 442.