ـ(132)ـ
أهل المغرب تماثيل في الحمامات، وبعض البيوت تستعمل لتزيين تلك الأمكنة، وعبر أفواه تلك التماثيل تجري المياه. وغالباً ما تكون التماثيل في شكل أسود أو غيرها من الحيوانات، الأمر الذي يفسر لنا سر وجود بعض الأحواض الرخامية، التي تحتفظ بها إلى الآن بعض المباني التاريخية بمراكش.
والعقباني ـ كالذين سبقوه ـ حريص على ترتيب السوق وجماله، إلى جانب الإهتمام بما يلزم السوق الإسلامي من مساجد تتوفر على مرافق تضمن الراحة للمؤمنين، بما تحتوي عليه من أدواة التطهير والتنظيف.
وهكذا اهتم العقباني حتّى بأمر تصميم بناء المساجد وموقعها في كلّ مدينة، بل في كلّ قرية، كما اهتم ـ علاوة على نظافتها وصرف الهوام والحشرات عنها ـ بأمر تبخيرها بالروائح الطيبة، إمعاناً في إدخال الراحة على المؤمنين الّذين يقصدونها لعبادة الله.
وقد رجع بعد الحديث عن "المسجد" إلى منكرات الأسواق والطرق، وهنا تحدث عما قد يصيب أبنية السوق من تصدع، أو ما يصيب الشوارع التي تقود إلى تلك الأسواق من عيوب، كذلك الجدران المائلة، والدكات التي تنصب في عرض الشارع، مما يضيق بالمارة، وكذا الساباطات المضروبة من فوق على الطرق والممرات بشكل لا يليق، وكذلك إنشاء الأبواب بطريقة عشوائية لا تحقق مصالح السكان، وضرورة جعل ممرات خاصة للدواب المحملة بالبضاعات، تجنبا لإقلاق أصحاب السوق(1).
ويذهب العقباني بعيداً، فينقل عن "المازري" في كتابه "جامع الأحكام" قولاً يقضي بهدم المحتسب لكل ما أضر بالمارة حتّى لا يبقى لـه رسم، وهكذا نجده يقول: (إنّ من المنكر بناء الدكاكين بين أيدي الحوانيت في بعض الأسواق، وربما يضر بالمارين، ويضيق عليهم عند اصطدام الأحمال) وينقل عن بعض الصحابة: أنّه هدم كير حداد وقال: (تضيقون على الناس الطريق ) وقد روي عن بعض أهل العلم: (أن الأسواق لها حرمة كحرمة المساجد)(2).
__________________________________
1 ـ الحدائق الناضرة 18: 64، والختصر النافع للعلامة: 120.
2 ـ كنز العمال 4، كتاب البيوع، وبحار الأنوار 73: 347، وتهذيب الأحكام 6: 303.