ـ(121)ـ
إنّ ما يدعو إليه الإسلام هو: الحضارة الخيرة، والثقافة الموجهة، والمدنية المسعدة، والعلم المؤدي إلى رقي الإنسان وراحته وطمأنينته.
التصور المستقبلي للحضارة والثقافة الإسلاميتين:
يقف المسلمون اليوم أمام حضارة غربية طاغية بتقدمها المدني، أي: بأشكالها المادية وقوتها العسكرية، وسيطرتها المالية، لكنها ـ كما أسلفنا ـ حضارة تحمل في طياتها عوامل انهيارها؛ لأنها تشقي الإنسان ولا تسعده، وتضعه في حمأة الفساد والانحطاط في صورة من البهرجة المادية الزائفة.
فواجبنا: أن ندرك خطورة الاندفاع وراء الحضارة الغربية الحديثة وثقافتها، وأن نفهمها بعمق وتفهم، ولا نقف جامدين أمامها، بل نتعامل معها من خلال حضارتنا، فنأخذ منها ما ينفعنا من العلم والمخترعات، ونتعلم لغات الغرب، ونفهم عقلياتهم وتصوراتهم عن الحياة، ثم نحكم حضارتنا وثقافتنا وتعاليم ديننا فيما نأخذ.
وعلينا: أن نجهر ـ في قوة ووضوح ـ بسمو حضارتنا، وأنها هي المنقذة لما يتخبط فيه العالم، وأن نواجه التحديات الكبيرة، والمؤامرات المستمرة على حضارتنا وثقافتنا..، وقبل هذا وذاك: أن نفهم حضارتنا وثقافتنا، أي: نفهم ديننا وتعاليمه الحقة، وندرك سمو الإسلام وسمو تعاليمه وتشريعاته وأحكامه، وأن ننبذ الفرقة فيما بيننا، وأن نلتقي على مفاهيم الخير وإيجابيات الوفاق، وأن لا تؤثر فينا اختلافات الرأي والأحكام ما دمنا نلتقي على الأسس السليمة لحضارتنا وثقافتنا، وأن نتعاون بالمحبة والمودة في مجالات الأبحاث والعلوم ونشر الثقافة والحضارة، وأن نعمل على إنشاء الجيل المؤمن بربه ودينه وحضارته وثقافته.
وأمامنا مشوار طويل في جهادنا بالكلمة الصادقة الواضحة البينة، حتّى يتبين للعالم الحق من الباطل، والسيء من الحسن وحتى يعود ضعيف الإيمان ليوطد صلته بالله الخالق.
فنحن ما زلنا في صلابة الإيمان، مستعدين للتضحية والصبر والفهم والوحدة والتجمع، لا تخيفنا قوة المواجهة، ولا تحبطنا عوامل الضعف، ولا تبهرنا تقنيات الغرب.
وما زالت ثقافتنا بأصالتها، وحضارتنا بشمولها وقوتها هي الأقوى في ميزان الحجة