ـ(117)ـ
وولادة الإله وغيرها، فالدين في الحضارة الغربية عاطفة تظهر عندما تثار، وصلة بين الإنسان وربه تظهر في الصلاة والمعبد، ولذلك يقول "جون جنذر" الصحفي الأمريكي في كتابه "داخل أوروباً" حين صور حياة الإنجليز: (إنّ الإنجليز إنّما يعبدون بنك إنجلترا ستة أيام في الأسبوع، ويتوجهون في اليوم السابع إلى الكنيسة). فالإيمان عندهم مهزوز؛ لأن الفكرة عن الألوهية تحيط بها الأوهام والخرافات، ويظهر هذا جلياً في تصورات الكتاب والمفكرين ورجال الدين الغربيين لله عز وجل.
3 ـ النزعة العلمانية تابعة للنزعة المادية، ومنبثقة عنها؛ لأن نتيجة الإيمان بالمادة: إنكار لوجود الله، أو تحييد للذات الإلهية عن التشريع لحياة الإنسان وممارساته العلمية، وبالتالي يرضخ ذلك الإنسان إلى فصل الدين عن الحياة، وفصل الدين عن العلم، وفصل الدين عن الحكم فصلاً تاماً، والبحث العقلي التجريبي في مظاهر الكون. وظهرت نتيجة لذلك كلمة "العلمانية"، وتعني: إقامة الحياة على غير الدين(1).
وتشعبث العلمانية إلى شعبتين: شعبة متطرفة تضاد الدين كلياً، وشعبة معتدلة لا تعادي الدين، وإنّما تتركه للإنسان في اعتقاده وعبادته، دون التدخل في شؤون الحياة، وأصبحت هذه العلمانية بشعبتيها من أسس الحضارة الغربية.
4 ـ الصراع: وهو صراع البقاء، صراع الشعوب، صراع الإنسان مع الإنسان، وصراع الإنسان مع الطبيعة، ومن هنا كانت الحروب الدموية بين شعوب أوروبا من جهة، وصراع الاستعمار مع شعوب العالم وأممه(2).
5 ـ النزعة التحررية: وتعني: إعفاء الإنسان العادي من قيود الشعائر والطقوس الدينية، أي: التحلل من الالتزام بالتعاليم الدينية، وتصوير الملتزمين بها بـ"الرجعيين"، وسبب التحررية في الغربية هو: أنها طرحت الدين جانباً، ولما ظهرت الاكتشافات الحديثة والأشكال الاقتصادية الجديدة وسيطرت التكنولوجيا أخذت الحرية معناها الواسع في الانطلاق في الحياة من غير قيود، فكانت التحررية، ولا سيما في الحرية الشخصية، وانتشرت الملذات والشهوات من غير قيدٍ ولا رقيب.
__________________________________
1 ـ سفر بن عبد الرحمان الحوالي في كتاب "العلمانية": 24.
2 ـ الدكتور يوسف القرضاوي في بحث "الإسلام حضارة الغد".