ـ(8)ـ
تتظافر القوى، وتتجمع الطاقات، وتتوحد الجهود نحو الهدف الكبير؛ ولذلك يضع الرساليون نصب أعينهم مسؤولية جمع الفصائل، والبحث عن المشتركات، والتعاون بينهم فيما اتفقوا عليه، ويعذر بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه.
ومن هنا نرى: أن الصحوة الإسلامية رافقتها دعوة لتجاوز الخلافات المذهبية والذوقية والإقليمية والعنصرية في التعاون والعمل المشترك، ومن هنا كان رموز الصحوة الإسلامية في عالمنا المعاصر دعاة تقريب أيضاً.
وأما الثانية: فهي تستدعي بطبيعتها أيضاً الاعتماد على كل الاجتهادات الفقهية القائمة على أساس القرآن والسنة للوصول إلى هذه الغاية؛ لأن كل واحد من هذه الاجتهادات يستطيع أن يسهم في إثراء المشروع الإسلامي وتطويره، وجعله أكثر ملاءمة لمتطلبات الحياة المتطورة.
ولئن كانت المذهبية تخلق تمايزاً في بعض الأحكام الفرعية فإننا لا نرى مشروعاً سنياً وآخر شيعياً: في حقل الاقتصاد الإسلامي، ونظام العلاقات السياسية، والنظام الاجتماعي، والنظام القضائي، بل وحتى في نظام الحكم...؛ لأن الفريقين ـ إن اختلفا في الإمامة والخلافة من قبل ـ يتفقان اليوم في صفات ولي الأمر الصالح لحكم المسلمين، ويتفقان في الشورى وفي مشاركة الأمة، بل وحتى في فرعيات نظام الحكم الإسلامي.
وهذا هو السبب وراء تجاوز الكتب التي طرحت هذه المشاريع: الحدود المذهبية، حتى أصبحت كتابات مفكري الصحوة من أهل السنة والشيعة تتداولها أيدي القراء المسلمين على اختلاف انتماءاتهم المذهبية.
وأما الثالثة: فهي قد جمعت القلوب والعواطف والأفكار المسلمة لمواجهة جبهة كبيرة ضخمة معادية، انفتحت لتصب غضبها ونقمتها على الصحوة الإسلامية إعلامياً وسياسياً وعسكرياً دون تفريق بين فصائلها السنية والشيعية، وفي هذا الإطار أيضاً ذابت الفوارق المذهبية، فاصبح الإعلام الإسلامي الحركي بعيداً عن الصراعات المذهبية، وأصبحت ساحات الجهاد تجمع أهل السنة والشيعة. كما وأصبحت القوى المضادة توجه سهام الاتهام إلى الفريقين معاً، وتربطهما في خطط وبرامج وأهداف مشتركة، وكثيراً ما تكون هذه الاتهامات لا واقع لها، غير أن القوى المعادية تنطلق في