ـ(75)ـ
وتجدر الإشارة إلى أنّ السلفية في أهل الجمهور تنقسم إلى اتجاهين:
1 ـ اتجاه معتدل، ويمثله رجال أمثال: الشيخ محمّد عبده والسيد رشيد رضا.
2 ـ اتجاه آخر يمثله الشيخ محمّد عبد الوهاب النجدي التميمي، وأتباعه يسمون أنفسهم (محمديين) أو (موحدين) أو (سلفيين) وغيرهم يسمونهم(وهابيين).
المنهج العقلي المحض
يتميز هذا المنهج باعتماده على العقل البشري كأداة للمعرفة،ويطلق على أتباعه: (أصحاب الرأي) ويطلق عليه (المعتزلة) أيضاً وقد بدأ هذا المنهج في عصرٍ مبكر من تاريخ الإسلام، ويعتبر المؤسس الأول لـه (واصل بن عطاء)، ومن بعده: عمرو بن عبيد البصري المعاصر للمنصور الدوانيقي، ثم ابن أبي داود المعاصر للمأمون العباسي، والقاضي عبد الجبار أحمد الهمداني، ومن أكابرهم أيضاً: النظام والجاحظ وأبو الهذيل العلاف والزمخشري ـ جار الله ـ صاحب (الكشاف) في تفسير القرآن.
وهذا الاتجاه يعطي للعقل البشري دوراً رئيسياً في فهم الدين الإسلامي، خصوصاً في العقائد ويقدمونه على النقل، ويرى: أنّ معرفة الله سبحانه ومعرفة صفاته وشرائعه لا تتم إلاّ بالعقل الإنساني، ولكن لا يوجد لـه أتباع وأنصار معروفون في العصر الحاضر، يسمون أنفسهم بهذا الاسم وإن كان الاتجاه العقلي هو الغالب على جمهور العلماء والمفكرين، وإنّما دخلت عناصر من فكرهم في المذهب الأباضي والزيدي والإسماعيلي.
ونستطيع أنّ نقول: إنّ هؤلاء مشتركون مع المعتزلة في عدة مواقف فكرية، والحال كذلك بالنسبة إلى الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، ولكن لا يعني ذلك: أنّ الجميع أتباع منهج واحد، أو أنّ واحدة من هذه الفرق اتبعت الفرقة الأخرى مائة بالمائة(1).
إنّ أهل السنة يسمون المعتزلة(قدرية)؛ لقولهم بحرية الإرادة الإنسانية، ومن أهم
__________________________________
1 ـ راجع: هاشم معروف الحسني: الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة، والمفيد في أوائل المقالات في المذاهب والمختارات: 55، 56، 62، 65، 88، 89، 126 ـ 139. ط المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، إيران، قم 1413هـ.