ـ(70)ـ
بين المقارنة والانحياز:
إنّ كثيراً من الكتاب المعاصرين تطرقوا إلى دراسة الفرق والمذاهب الإسلاميّة، ولكنهم لم يكونوا بعيدين عن الهوى والعصبية وعن إثارة الشحناء والطائفية. ويجوز لنا أنّ نعتبرهم محقين في بعض تلك المواضع؛ لأنهم جلسوا على منصة الدفاع عن معتقدهم وإلزام خصومهم.
ولكن إذا أراد الباحث الموضوعي دراسة الفكر الإسلامي دراسة أكاديمية فيجب عليه أنّ يتخلى عن التعصب المقيت، ويكون لـه منهج علمي وأمانة موضوعية.
ففي الدراسات العلمية الحديثة يقدمون البحث على المنهج، ويسمونه بـ (علم النهج) و(مناهج البحث)، ولكن القليل في هذا العلم ممن قام بفصل المناهج التالية:
1 ـ منهج الرد على المخالف.
2 ـ منهج الاستدلال على الآراء والمذاهب والاحتجاج.
3 ـ منهج الدراسة المقارنة بين الآراء الكلامية.
4 ـ منهج دراسة الفرق والمذاهب الإسلاميّة.

مناهج البحث في علم الكلام:
لابد لكل علم من منهج خاص للدراسة والبحث يتلاءم وموضوع العلم وأدوات المعرفة الخاصة به. وهناك اختلاف كبير بين المناهج العلمية: فبعض العلوم تجريبية، وبعضها عقلية، وبعضها نقلية وهكذا...، وبعضها تدرس في المكتبات وفي طيات الكتب والوثائق والإسناد، وبعضها تدرس في ساحة الطبيعة، وبعضها من خلال مشاهدة سلوك الأفراد والمجتمعات، وبعضها لا يتحصل إلاّ من طريق الوجدان والذوق الباطني، وما إلى ذلك.
إذن، ما هو المنهج المتبع في الدراسات الكلامية ؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال تجدر الإشارة إلى المناهج المتبعة في تاريخ هذا العلم، والاستقراء يؤدي بنا إلى تمييز المناهج العلمية التالية: