ـ(59)ـ
ويصحح التفكير.
فالنتيجة: أنّ هذه المبادئ كلها تلزمنا قبل كل شيء القيام بالدراسات المقارنة بصورة موضوعية، ونحن نظن ان علم الأصول هو أكثر استحقاقا إلى هذه الدراسة الموضوعية التي تعالج الاختلافات والخلافات معالجة جذرية.
وأخيراً فإنه يظهر: أن جل الخلاف بين المسلمين حدث بسب أنّ كثيراً من علمائهم كانوا يتسامحون في مواطن عدم التسامح، ولا يتسامحون في مواطن التسامح.

كيفية التقريب في القواعد الأصولية:
إنّ كل من يسعى إلى التقريب ويحاول تحقيقه يجب عليه قبل كل شيء القيام بالدراسات الموضوعية حول المسائل الأساسية التي من جملتها: المصطلحات الأصولية، فانطلاقاً من ذلك نقول: هناك مرحلتان يجب مراعاتهما في دراسة المصطلحات الأصولية، فانطلاقاً من ذلك نقول: هناك مرحلتان يجب مراعاتهما في دراسة المصطلحات في علم الأصول، وهما: مرحلة تحديد معاني المصطلحات، ومرحلة إبداء التغيير فيها أو حولها.

تحديد معاني المصطلحات:
تعتبر هذه المرحلة خطوة هامة ومؤثرة جداً في المحاولات التحقيقية الأصولية، ولشدة أ÷ميتها ودورها نرى الأصوليين من مختلف المذاهب قد قاموا بها، وأن كل من يلقي نظرة على كتب الأصول قديماً وحديثاً يرى الاهتمام بالتعريف من جانبهم. فهذا أبو يعلى قد عقد في بداية كتابه "العدة" فصلاً لبيان الحدود(1).
وكذلك نجد هذا الاهتمام واضحاً عند الباجي، حيث أفرد كتاباً في الحدود الأصولية (2)
وبإمكاننا أنّ نعرف شدة اهتمامهم بالتحديد من خلال قيامهم بتقسيم المعنى كلما عجزوا عن التعريف.
يقول إمام الحرمين في هذا الصدد: (حق على كل من يحاول الخوض في فن من فنون العلم أنّ يحيط بحقيقته وحده إنّ أمكنت عبارة سديدة على صناعة الحدّ، وإن عسر
__________________________________
1 ـ راجع كتاب العدة لأبي يعلى.
2ـ انظر الحدود في الأصول للباحي