ـ(29)ـ
المثل، إلى، إلى، إلى (1)....!
ولو قلنا بجواز نسخ الكتاب فإنّمّا نقول به إذا كان الناسخ دلالة قرآنية، أو سنة قاطعة.
2 ـ كيف يمكن الاعتماد على رواية تدعي أنّ الني الأكرم ـ صلى الله عليه وآله ـ خطب في محتشد كبير لم ينقل لنا التاريخ لـه مثيلاً في حياة النبي إلاّ في وقعة الغدير، وقال: "إنه لا وصية لوارث" ولم يسمعه أحد من الصحابة إلاّ أعرابي مثل: عمرو بن خارجة الذي ليس لـه رواية عن رسول الله سوى هذه (2).أو شخص آخر كأبي أمامة الباهلي ؟ وهذا مايورث الاطمئنان على وجود الخلل فيها سنداً أو دلالة.
3 ـ لو سلم أنّ الحديث قابل للاحتجاج لكنه لا يعادله ولا يقاوم ما تواتر عن أئمة أهل البيت عليهم السلام من جواز الوصيّة للوارث.
فهذا هو محمّد بن مسلم، أحد فقهاء القرن الثاني ن من تلاميذ أبي جعفر الباقر ـ عليه السلام ـ يقول: سألت أبا جعفر عن الوصيّة للوارث ؟ فقال: "تجوز"، ثم تلا هذه الآية: [إنّ ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين](3).
وهذا أبو بصير المرادي، شيخ الشيعة في عصر الصادق ـ عليه السلام ـ يروي عنه أنه سأله عن الوصيّة للوارث ؟ فقال: "تجوز" (4).
4 ـ إنّ التعارض فرع عدم وجود الجمع الدلالي بين نص الكتاب والحديث، إذ من المحتمل جداً أنّ الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ ذكر قيداً لكلامه ولم يسمعه الراوي، أو سمعه وغفل عن نقله، أو نقله ولم يصل إلينا، وهو أنه من قال: "ولا تجوز وصية للوارث" إذا زاد عن الثلث أو بأكثر منه، كما ورد كذلك من طرقنا، وطرق أهل السنة. وقد عرفت: أنّ
__________________________________
1 ـ لاحظ ما نقلناه عن أئمة الرجال في حق رواة الحديث ونقلته.
2 ـ الإصابة لابن حجر 2: 527، وتهذيب الكمال للمزي 21: 599، والثقات لابن حبان.
3 ـ البقرة: 180.
4 ـ وسائل الشيعة: 13، الباب 15 من أبواب أحكام الوصايا، وفيه ثلاثة عشر حديثاً تصرح على جواز الوصيّة للوارث.